سحر جمال المدينة

 

لينا الموسوي

 

الجمال متنوع في كل شيء؛ فجمال الروح ونقاء النفس مرآة لجمال وجه كل إنسان؛ حيث أحاسيسه ومشاعره هي تعبير مؤكد عن ما يكمن في دواخله من طبيعة، فالإحساس بالأشياء والأشخاص المحيطين هو تدريب ذاتي لأن الله تعالى خلقنا جميعًا من مشاعر وأحاسيس تختلف حسب الأشخاص والبيئة المحيطة بهم.

أخذتني أفكاري وأنا أسمع هذه الكلمات الجميلة إلى موضوع كان يدور في خاطري، عن مدى انعكاس مشاعر وأحاسيس المصمم المعماري على أعماله ليكون مرآة تعكس كل ما في دواخله من مشاعر مصقولة مع مرور الوقت بالخبرة الكافية لتخرج إنتاجا جميلا أو غير ذلك، اسمه العمارة؛ فالمدينة أراها كالسيدة الجميلة كلما ارتقت دواخلها وازداد نقاؤها وصفاؤها ازداد جمالها ودخلت إلى قلوب المحبين لتزيدهم شعورا بالراحة والاطمئنان.

جمال المدن يكمن في جمال قلوب ساكنيها، وتفاصيلها من معمار وغيره، هي انعكاس لرفعة المجتمع وتطوره عبر التاريخ، فتكون محافظة على القديم ومعاصرة لكل جديد، حيث يتم ذلك بفهم الماضي بطريقة صحيحة ليكون التطور والإعمار مبني على أسس سليمة.

حسب دراسات علوم "سيكولوجية المصمم" أن كل ما يضعه المصممون من لمسات، هي مرآة تعكس علومهم ونشأتهم وحياتهم ونفسياتهم وأدق التفاصيل التي تكمن في ماضيهم لتظهر على شكل تصميم أو معمار ذات أرواح مختلفة كاختلاف البشر، منها الحديثة الحادة الأشكال والمعقدة المواد، ومنها الأبنية البسيطة المنظمة الخالية من التعقيد ومنها المتنوعة الألوان والأشكال ضاحكة مبتسمة تحيط بمن يسكن فيها بالتنوع والحيوية ومنها الأبنية الخضراء المستدامة التي تعكس حب الطبيعة والبيئة والاقتصاد وهكذا.

لا شك أن تصميم المدن وما تحويه من كل أنواع الخدمات والأبنية والمتطلبات تخضع لأنظمة خاصة واحتياجات؛ حيث أشبهها بجسم الإنسان، فلا نستطيع التعامل مع جسد خالٍ من الروح التي تغذيه بمختلف المشاعر من حب وكره وغيره.

وهذا هو الحال في أي مدينة نتنقل بين دروبها حيث نجد أن ما تعكسه أرواح الأحياء إما حب وثقافة وتفاصيل وجمال، أو جفاف وجفاء وإهمال ولا مبالاة.

زيارتنا الأولى لأي مدينة كزيارتنا لأي شخص إما نحب وتعشق أرواحنا المكان لنظل نحاكيه ونتمتع بطبيعة وجمال تفاصيله ودروبه والحميمية الموجودة فيه أو نشعر بغربة وجفاء ولا نجد ما يغذي أرواحنا بأي تفاصيل جميلة، فنسرع هاربين باحثين عن مدينة أجمل، حيث الراحة والشعور بالحميمية تجاه المكان تختلف بين الأشخاص وحتى المجتمعات ومفاهيمهم وأذواقهم وحاجاتهم النفسية والوظيفية.

هنا أحب أن أقول لأي مدينة تشعرني تفاصيلها بالدفء والاحتواء كم أنت دافئة جميلة سيدتي، بكل ما تحويه من روعة تفاصيل معمارية.

** مهندسة معمارية

تعليق عبر الفيس بوك