التحليق في سماء الإعلام العربي

مدرين المكتومية

شرفتُ هذا الأسبوع بالمشاركة في الملتقى الإعلامي العربي في دولة الكويت الشقيقة، وأسعدني كثيرًا ما زخر به هذا الملتقى من جلساتٍ نقاشية وأوراق عمل، ساهمت في تحليل وضع إعلامنا العربي، من المحيط إلى الخليج، مع تسليط مزيد من الأضواء الكاشفة على التجربة الخليجية في الإعلام، لا سيما فيما يتعلق بالتحديات والمتاعب التي تواجه الصحف والمؤسسات الإعلامية، والعاملين فيها.

ومُنذُ أن وطأت قدمي الطائرة التي أقلتني إلى الكويت، بدأت الأفكار تتصارع في ذهني، وأخذتْ المقترحات تلمعُ في مخيلتي واحدة تلو الأخرى، ولم أتوقف إلا عندما فتحتُ دفتري لأدوِّن فيه ما يتقافز في رأسي، وعندما وصلت إلى مقر انعقاد الملتقى تفاجأت بأن معظم ما دونته من أفكار ومقترحات، قد جرت مناقشته والتحاور حوله من قبل ضيوف الملتقى في الجلسات النقاشية وكذلك في أوراق العمل. عندئذ أدركتُ أن الهموم الإعلامية في وطننا العربي الكبير واحدة، فبدءًا من أزمة تراجع التمويل وضعف المردود المالي للصحف والمؤسسات الإعلامية، إلى عدم الاهتمام ببرامج التدريب والتأهيل، وكذلك إشكاليات المتحدث الرسمي، علاوة على قضايا الحريات الإعلامية والصحفية، وتحديات وآفاق التحول الرقمي في ظل الثورة التكنولوجية الهائلة وتقنيات الذكاء الاصطناعي، كلها كانت قضايا حاضرة للنقاش في هذا الملتقى الذي احتفل في نسخة هذا العام بمرور 20 سنة على تأسيسه.

لكن حقيقة الأمر أن أكثر ما يلفت انتباهي في الملتقى كل عام، ما يوليه الأمين العام للملتقى أستاذنا في المهنة، الإعلامي الكويتي المخضرم ماضي الخميس، من حرص شديد على إتمام نجاح فعالياته، من خلال توجيه الدعوات للخبراء في مجال الإعلام من رؤساء ومديري تحرير وكُتّاب صحفيين وكبار المحررين والصحفيين والإعلاميين في العالم العربي، وتوفير كل السبل التي تضمن مشاركتهم الناجحة والإسهام في النقاشات الثرية التي يشهدها الملتقى.

ومن بين النقاشات الساخنة التي شهدها الملتقى، الحديث عن الحريات الصحفية والإعلامية في مؤسساتنا، وقضايا الرقابة على المحتوى الإعلامي، وعدم تفاعل الكثير من المؤسسات الرسمية العربية مع وسائل الإعلام، وضعف التعاطي الإعلامي مع القضايا التي تمس معيشة المواطن، وغيرها الكثير من الأفكار التي تناولها المشاركون في هذا الجانب.

لقد مثّلت مشاركتي في هذا الملتقى إثراءً معرفيًا لي في كثير من الجوانب، ورسخت في نفسي القناعة التي تعملناها ومارسناها في عملنا الصحفي والإعلامي، وهي أن قوة الإعلام تأتي من ممارسته لأدواته باعتباره "السلطة الرابعة"، والنافذة التي ينظر المواطن من خلالها لما يحدث من حوله، في مجتمعه ووطنه ومحيطه العام والعالم أجمع، وأن أي دور للإعلام لا يمارس هذه السلطة، فلا يعدو كونه أحد فروع إدارات العلاقات العامة!!