بيان السويق.. بيدي لا بيد عمرو!

 

أحمد السلماني

 

قطع نادي السويق الشك باليقين عندما أكد أنَّ مجلس إدارته يدرس جديًا قرار تجميد مشاركات الفريق الأول لكرة القدم في المنافسات المحلية، ولأنَّه قرار شجاع وصعب ومؤلم، فقد آثر المجلس إشراك الجمعية العمومية للنادي في القرار المصيري لشعاع الشمس، والحقيقة أن قرار قاسٍ كهذا هو بمثابة سهم دامٍ في قلوب عشّاق هذا النادي الجماهيري على مستوى البلاد وليس فقط السويق.

مجلس إدارة نادي السويق الحالي وجد نفسه أمام خيارات صعبة للغاية فرضها الواقع المُر والصعب لبيئة الرياضة العمانية عامة وكرة القدم في البلاد خاصة، وقد كانوا يلوموننا؛ بل ونُعت الإعلام الرياضي حينها بأنه متشائم عندما كان يتحدث عن "التراجع المُريع" لكرة القدم العمانية ويتنبأ بمستقبلها المُظلم في ذلك الوقت، في ظل عمل ضبابي وعشوائي وعبارة عن ردات فعل على مدى نصف قرن من الزمان، إلا فيما ندر!

الحقيقة التي يتغافل عنها أبناء السويق أنهم هم من تسبب في هذا المآل لناديهم، وأن هذه النتيجة كانت حتمية ومسألة وقت لا أكثر؛ فالنادي كما أندية أخرى، يُدار بفكر ونمط تقليدي، ومنذ تأسيسه كان- وما زال- يعيش على الدعم والهبات التي تحمّل عبئها الأب الروحي صاحب السُّمو السيد فاتك بن فهر آل سعيد، ومن ثم أبناؤه البررة بالسويق، ولا ننسى بقية الداعمين من أعضاء الشرف. ملايين الريالات التي ضُخّت في النادي منذ تأسيسه غالبيتها العظمى ذهبت للفريق الكروي الأول وأمجاده وأفراح جماهيره اللحظية والوقتية، والتي إن لم يوثقها أبناء النادي فإنَّ الاتحاد العماني لكرة القدم لا يملك لها أرشيفًا، ولو ذهب جزء من هذه الأموال الضخمة للاستثمار وتطوير مصادر دخل النادي لما كان هذا حاله .

وإذا ما استثنينا الأندية المُشهرة حديثًا، فإن 28 ناديًا فقط من أصل 44 شاركت في مسابقات اتحاد كرة القدم، بمعنى أن 16 ناديًا ارتأت عدم المشاركة، إدراكًا منها أن كرة القدم محرقة للمال، والجوائز والدعم لا يرتقيان ومستوى تكلفة تحقيق الدوري التي قد تصل لنصف مليون ريال عماني، تزيد أو تنقص قليلًا.

لذا أتوقع أن تحذو أندية أخرى حذو نادي السويق في قادم الأيام، وسيتقلص عدد الأندية التي تشارك في مسابقات الاتحاد، وهذا تأثيره مباشر على منتخباتنا وكرة القدم العمانية على المدى القريب والبعيد، إن لم يتدارك الجميع ذلك.

كما يتحمل الاتحاد العماني لكرة القدم جزءًا كبيرًا من مسؤولية ما حدث للسويق ولأندية أخرى، تحمل على أوزارها ديونًا خلّفها دوري ضعيف يُصنّف في المركز الـ28 آسيويًا؛ بل إن دوريات لدول أخرى أفضل منه. أما دورينا فقد هجرته جماهيره وذهبت تتابع دوريات الفرق الأهلية، كما إن الإعلام الرياضي فقير؛ لأن المؤسسات الإعلامية تعاني وآخر اهتماماتها الرياضة، علاوة على أن المنتج ضعيف، ليس لقلة ذات اليد فقط؛ بل لشح الأفكار التسويقية والترويجية للبطولات المحلية.

الحقيقة أن الأندية ساهمت في هذا الحال، فهي التي انتخبت هذا الاتحاد، وبالتالي فهي تدفع ثمن اختياراتها، وهي نفسها شريكة في المأثم والمغرم؛ فغالبية الأندية المتعثرة لا ترى إلا بعين واحدة، الحقيقة هي ليست أندية إنما فرق كرة قدم.

المشكلة أكبر مما قد نتخيلها، فأزمة كرة القدم سببها أن هؤلاء جميعًا لا يملكون إجابة لأصعب سؤال مر ويمر عليها كل يوم، ما الذي نريده من رياضتنا؟

وحدها الحكومة تملك الحل. نعم، هناك أولويات في هذه المرحلة، والشباب أيضا هم في قمة أولوياتها، لذا نأمل بمكرمة سامية من لدن راعي الشباب الأول جلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- ومن مجلس الوزراء، بزيادة مخصصات وزارة الثقافة والرياضة والشباب، ومساهمة جهاز الاستثمار العماني لضخ استثمارات في الأندية، بجانب إسهام القطاع الخاص، حتى نتمكن من منح مليون ريال عماني لكل نادٍ، يتم توزيعها كما يلي:

1- هبة عاجلة لتمكين هذه الأندية من تجاوز أزماتها.

2- زيادة مخصصات الوزارة وبالتالي زيادة الدعم للاتحادات الرياضية.

3- يتولى جهاز الاستثمار إنشاء صندوق استثماري كبير وموحد يتم تثميره لصالح الأندية.

4- حصر جميع المسابقات الرياضية وحث مؤسسات القطاع الخاص لرعاية هذه المسابقات مقابل الحصول على امتيازات.

5- تخصيص مبلغ 50 ألف ريال من المليون ريال، مساهمة من كل نادٍ لصالح رابطة الدوري، بما مجموعه 2.5 مليون ريال، تُقسّم على عامين؛ عبارة عن جوائز ودعم لمختلف مسابقات الاتحاد بما في ذلك الفئات السنية.

هذا غيض من فيض من الأفكار التي يمكن أن تسهم في تطوير رياضتنا وكرتنا، إلّا أن الأمر يحتاج إلى "الإرادة" و"الإدارة" و"التدبير".