ثقافة البحث العلمي

وليد بن سيف الزيدي

يقصد الكاتب بمصطلح الثقافة هنا السلوك الفكري الذي يظهر في حياة الفرد أو المجتمع أو المؤسسة ويظل يُصاحبه لسنوات طويلة من حياته؛ نتيجة لتعرضه لعدد من المواقف أو الخبرات أو التجارب المباشرة أو تلك التي ساعد التقدم التكنولوجي اليوم على الحصول عليها والتأثر بها في وقت زمني قصير وبأقل الجهود والتكاليف.

أما مصطلح البحث العلمي بمفهومه البسيط هو القائم على التساؤل مع النفس حول ظاهرة أو مشكلة ما في محيط الباحث، والهدف منه فهم المشكلة باستخدام أدوات البحث كالاستبيان أو الملاحظة أو المقابلة أو الاختبار أو أداة تحليل المحتوى، ويمكن التعامل مع تلك الأدوات منفردة أو مجتمعة في دراسة المشكلة، بغية الوصول إلى الحلول الدقيقة.

فمثلًا على مستوى تعليمية البريمي أجريت بعض البحوث العلمية في المدة ما بين (2021- 2023)، التي حملت طابع المبادرة في نشر ثقافة البحث العلمي وفهم الظاهرة البحثية بأسلوب علمي رصين، ومن الأمثلة على تلك البحوث، البحث الذي هدف إلى قياس دافعية الطلبة في الصف العاشر نحو استخدام المنصة التعليمية في التعليم في ظل جائحة كورونا. والبحث الذي هدف إلى الكشف عن مدى امتلاك مقرر الجغرافيا والتقنيات الحديثة ومقرر الجغرافيا الاقتصادية لمهارات القرن الحادي والعشرين. والبحث الذي هدف إلى معرفة مدى تأثير التعليم النشط على التحصيل الدراسي لدى طلاب الصف العاشر في مادة الدراسات الاجتماعية.

فهل هذه الأمثلة أو ما يشبهها كافية لنشر ثقافة البحث العلمي في البيئة المدرسية؟ وهل ثقافة البحث العلمي محصورة على البيئة المدرسية؟ ألا يُمكن تعزيز نشر ثقافة البحث العلمي في البيت بفهم وعلاج سلوكيات الأبناء، أو في السوق بفهم طبيعة بعض السلع من حيث السعر والجودة، أو في المؤسسات الحكومية والخاصة في نوع الخدمات المقدمة من حيث دقة وسرعة الإنجاز؟ لماذا يندر ممن يملك مهارات البحث العلمي في قيامه بدوره في هذا المجال؟ هل هناك علاقة بين التقصير من البعض في نشر ثقافة البحث العلمي في محيطه وبين إنهاء البحث العلمي بالاكتفاء في التوصل إلى النتائج والتوصيات دون أن تكون هناك مبادرات لحل المشكلة التي هي أساس البحث العلمي؟

وهل يمكن استخدام البحث العلمي في الكشف عن أسباب حصول بعض الطلبة على مستويات ضعيفة في جميع المواد الدراسية وعلى فترات زمنية متتالية؟ وهل نكتفي بمعرفة الأسباب والخروج بالتوصيات دون التطرق إلى المُعالجة الحقيقة لتلك المشكلة؟ أليس هذا الأمر يُقلل من نشر ثقافة البحث العلمي؟ وهل يمكن اعتبار الامتحانات في التعليم المدرسي مشكلة تثقل من كاهل الوزارة من الناحية المادية وتسهم في الفاقد التعليمي من معارف ومهارات، وتسبب حالة من الضغط والقلق لدى البعض من الأسر والطلبة؟ فإذا كانت الإجابة بنعم، فلماذا يغيب دور البحث العلمي في دراسة هذه المشكلة للتوصل إلى الحلول البديلة لها كإيجاد المهام العلمية التي تصاحب الطالب وتكون جزءًا من يومه الدراسي، ومن خلالها يتعرض للتغذية الراجعة المباشرة من المعلم، وتساعده على كسب العديد من مهارات التعلم النشط والتي تتساير مع هذا القرن من الزمن؟ أليست هذه التساؤلات وغيرها في حالة التعامل معها بشكل حقيقي يمكن أن تسهم في نشر ثقافة البحث العلمي في المدرسة والجامعة والبيت والسوق؟

تعليق عبر الفيس بوك