التدريب الصيفي للطلبة

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

 

ها هي الإجازة الصيفية على الأبواب، ومن الضرورة بمكان ملء وقت فراغ الطلبة بأنشطة مُفيدة ومنها التدريب العملي خلال الإجازة الصيفية.

مع انتهاء الامتحانات يبدأ الطلبة في جميع المراحل الدراسية إجازاتهم الصيفية السنوية والتي تأتي بعد قضاء عام دراسي مليء بالجد والاجتهاد والمثابرة، ويحق للطالب ولعائلته الاستراحة خلال أشهر الإجازة والتي تعدّ فرصة للاستراحة والاسترخاء ولكن مع طول فترة الإجازة قد يتسلل الملل في كثير من الأوقات للطلبة، لذلك تسعى الكثير من العائلات لتوفير أجواء مليئة بالأنشطة لأبنائها منها تسجيلهم في المراكز الصيفية سواء الحكومية أو الخاصة مدفوعة الرسوم وكذلك استغلال الإجازة في أنشطة خاصة كالسفر وغيره، إلا أن الكثير من العائلات تواجه تحديات عديدة حيث لا يمكنها إلحاق أبنائها في المراكز الصيفية لتواجدها في أمّهات المدن والكثير من الولايات لا توجد بها مثل هذه المراكز، إضافة إلى أن فترة السفر تعتبر وجيزة سواء لأغراض السياحة الخارجية أو الداخلية إذا ما قورنت بطول فترة الإجازة، لذلك يعدّ تشغيل الطلبة خلال فترة الإجازة الصيفية أحد الأنشطة المهمة التي يتطلب أن تتبناها إحدى مؤسسات الدولة كوزارة الشؤون الرياضية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل، والذي يتطلب استحداث برنامج وطني لتشغيل الطلبة خلال مدة محددة ضمن أشهر الإجازة بحيث تتعاون جهات الاختصاص على توفير فرص التدريب لدى وحدات الجهاز الإداري للدولة المدنية أو منشآت القطاع الخاص مع مراعاة أن تكون هذه المؤسسات أو فروعها قريبة من مناطق إقامة الطالب الذي سيسجل ضمن البرنامج، مع توفير مكافأة تشجيعية، ولا بُد من مراعاة نوع أنشطة العمل لدى منشآت القطاع الخاص والتي سيلتحق بها الطالب للتدريب بحيث تكون آمنة وخلال أوقات النهار وملائمة لسن وجنس الطالب، وبما يتوافق مع أحكام المادة (45) من قانون الطفل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (22/2014) ويتطلب برنامج تدريب الطلبة وجود إشراف دوري من جانب الجهة المنظمة لأعمال التدريب بغرض تقييم المتدرب وجهة التدريب في ذات الوقت ورصد الفرص والتحديات المتعلقة بهذه التجربة.

وبما أن القاعدة العامة هي أن كل طفل لم يبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً يُعدّ حدثًا فقد أولت الحكومة الرشيدة موضوع تشغيل الأحداث اهتمامًا خاصًا حيث أوجدت العديد من الضوابط لضمان حفظ حقوق الحدث وتشغيله في مهن وأوقات تتناسب مع طبيعته العمرية والجسمانية وجنسه في ذات الوقت ضمن إطار قانوني متكامل شمل العديد من الجوانب والأطر، وقد نظّم الباب الخامس من قانون العمل العُماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (35/2003) هذا الأمر، حيث أوضحت المادة (75) أنه يحظر على صاحب العمل تشغيل الأحداث من الجنسين أو السماح لهم بالدخول في أماكن العمل قبل بلوغ سن 15 سنة، ويجوز بقرار من الوزير رفع هذه السن في بعض الصناعات والأعمال التي تقتضي ذلك، ويعدّ القرار الوزاري رقم (217/ 2016) الصادر عن وزير العمل بشأن نظام تشغيل الأحداث والأعمال والمهن التي يجوز تشغيلهم فيها، الدليل الشامل الذي حُددت خلاله الضوابط الخاصة بتشغيل الأحداث، وكذلك أنواع المهن التي يجوز تشغيلهم فيها، وفي كل الأحوال فإن الطالب في سن الخامسة عشر سيكون مؤهلا لشغل العديد من الوظائف بصفة مؤقتة خلال الإجازة الصيفية، وقد نظم القرار الوزاري لوزير العمل رقم (40/2017) والمعدل بالقرار الوزاري رقم (153/2018) الصادر بشأن تنظيم العمل لبعض الوقت (العمل الجزئي) والذي حُدّد خلاله نوع التعاقد وساعات العمل المسموحة والسن والأجر وأوقات العمل المسموحة لمن هم دون سن 18 عامًا العمل خلالها، وبالتالي فإن بيئة العمل لتشغيل الطلبة لدينا منظمة ومقننة وضمن إطار تشريعي يسمح بذلك بضوابط تضمن حقوق جميع الأطراف.

لا شك أن التدريب الصيفي للطلبة سيحقق العديد من المنافع على المستوى الشخصي للطالب أو على مستوى العائلة والمجتمع، حيث إن مهارة كالتعامل مع الآخرين سيكتسبها الطالب من خلال تعامله اليومي مع العديد من المراجعين أو العملاء وهذا بالطبع سيُعزز الثقة بالنفس لدى الطالب، كما أن قيمة كأهمية الوقت ستغرس بشكل تلقائي لدى الطلبة هذا خلاف مهارة تحديد الأولويات وأخلاقيات العمل وتحمل المسؤولية والانضباط والالتزام بالمواعيد.

إضافة إلى أن العمل سيُنمّي لدى الطالب مهارة إدارة المال وسيرفع ثقافة الاستقلال المالي وسيدرك دور ولي أمره في كيفية العناء لأجل توفير حياة كريمة لأفراد الأسرة، إضافة إلى أنه سيساعد على نضوج الاتجاهات المهنية لدى الكثير من الطلبة الأمر الذي سيُساهم مستقبلًا في اختيار تخصصات أكاديمية تتلاءم مع سوق العمل، كما سيمنحه التدريب عامل الخبرة كأولوية تعيين مستقبلًا أو فيما توجه نحو المسار الريادي لدخول سوق العمل، ومن جانب آخر سيُنمّي مهارات ريادة الأعمال التي تكلف الدولة حاليًا مبالغ كبيرة تصرفها على تدريب الراغبين في دخول غمار ريادة الأعمال، إضافة إلى أنه سيُعزز لدى الطالب القناعة والقبول بأي مهنة شريفة، كما أن العمل سيقضي على الملل الذي يعيشه الطالب وسيستفيد من وقت فراغة بعمل مفيد بعيدًا عن ألعاب الفيديو وتصفح منصات التواصل الاجتماعي بدون أية أهداف سوى التسلية وتمضية الوقت لا أكثر .

نحن جميعًا على يقين بأن استحداث برنامج وطني يُعنى لتشغيل الطلبة خلال الإجازة الصيفية يعد غاية في الأهمية وله الكثير من الإيجابيات على المستوى المجتمعي بصفة عامة.