محطات


أحمد بن موسى البلوشي


توجد وفرة من التعريفات الخاصة بمفهوم الحياة، فكل شخص يرى معناها من وجهة نظره وطريقة معيشته وتعاطيه مع الأحداث والمجتمع والأفراد، وفي النهاية يمكننا القول بأن جميع هذه المفاهيم صحيحة، ولا يوجد مفهوم محدد للحياة، ولكن يجب أن نعي شيئًا مهمًا وهو أن الحياة مجموعة من المحطات التي يمر عليها كل فرد منِّا ويجب علينا أن نغتنمها بشكل إيجابي، وألا نهدرها فيما لا فائدة منه، فهي الفرصة الذهبية التي منحها الله لنا، وهذه المحطات مختلفة ومتنوعة، ولا يمكن أن تكون جميع محطات حياتك سعيدة وجميلة، وفي نفس الوقت لا يمكن أن تكون جميعها غير ذلك، وفي النهاية أنت من تُحدد هذه المحطات وتتوقف معها، وتحدد كمية الاستفادة منها، يقول جون جاستلاده: "الذي يعيش أفضل ليس هو من يأكل كثيرًا لكن هو من يتذوق الحياة بسرور بكل أشكالها".

الحياة بها العديد من المحطات التي نمر عليها ونتوقف عندها، فقطار الحياة يمضي دون توقف متنقلًا من محطة لأخرى، بعض هذه المحطات يكون بها الكثير من الإنجازات التي يمكن تحقيقها، والكثير من الفرح والسعادة والتفاؤل، وبعضها يكون به القليل من التحديات، والصعوبات والتشاؤم، وبعض الأمور المزعجة، وهذه هي سنة الحياة ونظام البشر على هذه الأرض، والجميع يؤمن بأنَّ قطار الحياة محطاته كثيرة ومتنوعة وهي كذلك طويلة وشاقة، ويؤمن كذلك بأن هذا القطار مستمر بالحركة ولا يتوقف حتى آخر يوم بحياتنا، ويؤمن كذلك بأن بعض هذه المحطات تكون سعيدة وتدعو للتأمل والتفاؤل، وبعضها يدعو للتشاؤم، ويؤمن كذلك بأننا ركاب في هذا القطار، وأن التنقل من محطة لأخرى هي من مجريات الحياة.

بعض المحطات تعد من أكبر الخسارات التي يخسرها الفرد في حياته إذا توقف فيها لفترة طويلة، وأقصد هنا المحطات المزعجة التي لا يستفيد منها الشخص، والعكس صحيح فهناك محطات تعتبر من أهم وأكبر المحطات فائدة للشخص إذا استغلها واستفاد منها بصورة صحيحة، ولكن يجب أن نعي نقطة في غاية الأهمية وهي أن القطار يمر على محطات لا يمكن الرجوع إليها في أغلب الأحيان.


يجب على كل فرد منِّا أن يقف بعد كل محطة من محطات حياته ويراجعها، ويحدد جوانب القوة والضعف فيها، وما هي الدروس المستفادة منها، المهم والأهم ألا تتأثر سلبيًا ببعض المحطات المؤلمة والمزعجة التي يمر عليها، بل يجعلها درساً يستفيد منه للمحطات القادمة.

أعزائي القراء.. اختاروا محطات حياتكم المناسبة، المرور والتوقف عند جميع محطات الحياة حلوها ومرها ليس بالخطأ؛ بل بالعكس مفيد، من الخطأ أن نقف عند محطة معينة ولا نتحرك منها، ولا تنسوا كذلك أن قطار الحياة لا يتوقف فهو مستمر بالحركة حتى آخر يوم بحياتنا، فكلما كثرت محطاتنا بالحياة كثرت التجارب التي نمر بها، وعليه كانت كمية الاستفادة أكثر وأفضل، فهذه المحطات تجعل منك شخصًا ذا تفكير إيجابي وناضج وذا نظرة مختلفة، المهم أن نترجم هذه المواقف والتجارب من هذه المحطات إلى سلوكيات وأفكار نستفيد منها، ونفيد المجتمع الذي نعيش فيه.

تعليق عبر الفيس بوك