رأس هرم السياحة

 

د. خديجة الشحية

khadija82013@gmail.com

 

من مسلمات الأمور أن تكون محافظة مسندم أيقونة السياحة في قادم الوقت وعروس الشمال بلا منازع، ليس لأنها محافظتي الجميلة خلف تلك الجبال التي حاولت ولا زالت أن تخفي تفاصيلها، وهدوءها وسحرها وأشياء أخرى أعجز عن عدها، وأتعب صدقاً عندما أسردها.

وما أُضيف مؤخرا لخارطة الترفيه في ولاية خصب كان مستحقا لأبنائها وزوارها منذ أمد بعيد، وكذلك في بقية الولايات التابعة للمحافظة، قد يكون السلك الانزلاقي قد تأخر ولكن دائماً الأجمل يأتي متأخرًا، ولكنه يأتي في النهاية، ليساير الموجود في هذه الفترة النشطة من الحراك والتفاعل في مختلف المحافظات وتفعيل مختلف جوانب الجذب الذي تتمتع به تلك الجميلة مع بقية أخواتها من محافظات السلطنة.

والتعاطي مع كل ذلك الجهد المبذول يساعد في إضافة نقاط الاستقطاب الخارجي قبل الداخلي للمحافظة أمر مهم ومرغوب ومطلب مهم جدا، كل بقعة تم استغلالها لإبراز نقاط القوة وسحر محافظة مسندم التي هي هرم خريطة عُمان، ساهم في إبراز خدمات كانت ضرورية وملحة في تنفيذها منذ زمن بعيد. كنت أتساءل في قرارة نفسي، لماذا لم تكن موجودة قبل الآن؟ هل كمية الاستياء والمطالبات التي كنت أسمعها وأناقشها مع أحدهم يومًا ما حقيقية؟! نعم، حقيقية، والدليل وجود بعضها اليوم، فالكل مبتهج وسعيد حتى وإن كانت خدمات قد لا تخدم الجميع، ولا تؤدي الغرض الذي ينشده بعضهم، فهي تقع ضمن اهتمامات البعض، مع أنها في حقيقة الأمر مهمة جدًا.

فمثلًا الممشى الذي استحدث وجهز قرب المطار مع بعض الخدمات الترفيهية المصاحبة؛ سواء للأطفال أو الكبار، إضافة مهمة للجميع، دون تخصيص، لكن يبقى البعض لا تعنيه ممارسة رياضة المشي مع أنها مهمة للغاية لتحسين الصحة، إلا أن أهميتها تتحدد حسب تفرغ وطاقة البعض لممارستها، هذا غير الممشى الجبلي في "خور شم"، والمقاهي المضافة على الطريق البحري مهمة للمواطن والمقيم والزائر السائح.

أما السلك الانزلاقي فهو نقطة جذب عالمية ويعد أطول سلك انزلاقي فوق الماء على مستوى العالم، ما يساهم في تعزيز القطاع السياحي بالمحافظة، ولذلك نفخر بأنه جرى تسجليه في موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية.

إضافة أخرى لمحافظة مسندم، أنه لأول مرة في سلطنة عمان والشرق الأوسط تُبنى محطات تحلية مياه عائمة ومتنقلة، من خلال منظومة استدامة المياه ذات القيمة المحلية المضافة، وتدشين شركة مسندم للاستزراع السمكي، والواجهة البحرية ببوابة دبا، وغيرها الكثير من الإضافات التي أُنفق عليها الكثير واستحقت جهدًا مضنيًا حتى اكتملت وأُنجزت.

وما زالت خارطة المشاريع مليئة بالكثير الذي ينتظر التنفيذ، ويدخل السرور على المواطنين، ويشعرهم بالارتياح مع وجود كل تلك المُمكنات على أرض المحافظة، في الولايات والقرى البحرية والجبلية، مُعدّة وجاهزة للتنفيذ، وسوف تشهد مسندم بشكل كلي سلسلة تطورات قادرة على تنشيط السياحة في فترة قريبة.

كل ما تبقى يتمثل في تسهيل الوصول إلى المحافظة من نقل جوي وبحري وبري، وإضافة الطيران الاقتصادي، والحد من المبالغة في قيمة تذاكر السفر وكذلك تقليل أسعار الغرف الفندقية، فالأسعار المرتفعة سبب في عزوف بعض الزوار والسياح عن القدوم إلى مسندم، ويمكن في هذا السياق طرح باقات سياحية على مدار العام تتضمن المرور على جميع الولايات، فمن يصل إلى ولاية خصب لا يمكنه الذهاب لولاية مدحاء ودبا ونيابة ليما! غير أنه مع إطلاق باقات سياحية وتخفيض كلفة السفر، سيتيح للسياح المرور على كل مزارات المحافظة دون الاقتصار على ولاية واحدة بعينها. كما إن تطوير الخدمات وإضافة خدمات جديدة وزيادة أعداد المطاعم أمور مهمة للغاية، تحتاجها كل ولاية، خاصة فيما يتعلق بافتتاح مطاعم عالمية ذات جودة عالية تخدم الأفواج السياحية القادمة على السفن السياحية الدولية، التي ترسو في ميناء خصب.

وإذا توفر بعض من هذه الخدمات يبقى جانبا مهما وهو حراك أبناء المحافظة للتفاعل واستغلال تلك الفرص والمشاريع المتاحة؛ ليستفيدوا منها قدر المستطاع، وتوسعة منصاتهم الترويجية للتعريف بما يقدمونه من خدمات، وقد اجتهدت الحكومة في تسخيرها، وتحولت إلى مقومات سياحية تسهم في النهوض بالقطاع السياحي بمحافظة مسندم التي تزخر بالكثير من المقومات التي تؤهلها لتكون نقطة جذب سياحي على مستوى المنطقة وليس عمان فحسب.