الدعوة بالفضاء الإلكتروني

 

صبحي مجاهد **

 

مع تطور وسائل التواصل التكنولوجي أصبح مصطلح الفضاء الإلكتروني مصطلحا عصريا لازماً في كافة المجالات، والأنشطة لاسيما تلك التي تختص بالوعي الديني والفكري، الأمر الذي يجعل من الدعوة عبر الفضاء الإلكتروني أمرا لازما يتوافق مع طبيعة العصر.

 

وفي ظل متطلبات الفضاء الإلكتروني لايجوز القول بعزوف البعض عن استخدام هذا الفضاء في نشر الوعي الديني تحت دعوى اقتحام غير المتخصصين لهذا الفضاء وعدم وجود ضوابط تمنعهم، أو الاحتفاظ بمكانة العالم أو الداعية وإبعاده عن السجال الإلكتروني، خاصة وأن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت هي الوسائل الأكثر تأثيرا في المجتمعات والأفراد، والأجيال الناشئة.

 

أما الحديث عن أن اللجوء للمعرفة الإلكترونية، أو استقاء المعلومات الدينية من هذا الفضاء الإلكتروني هو نوع من الأمية المعرفية والدينية فلا يوافق طبيعة العصر الرقمي الذي نعيش فيه بكافة أداوته وقدراته في الوصول إلى كافة الدول والشعوب والمجتمعات، الأمر الذي يتطلب من المؤسسات الدعوية المسارعة في إيجاد تواجد حقيقي للعمل الدعوي والديني المستنير عبر الفضاء الإلكتروني بكافة وسائله.

وانطلاقا من هذا الأمر كان اختيار موضوع المؤتمر الرابع والثلاثين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة الذي سيعقد يومي 9 و10 سبتمبر المقبل تحت عنوان: "الفضاء الإلكتروني والوسائل العصرية للخطاب الديني.. بين الاستخدام الرشيد والخروج عن الجادة" اختيارا مهما في هذا الوقت.

وإن كان الأمر يتطلب أكثر من عقد مؤتمر إلا أن اختيار محاور المؤتمر المزمع عقده سيكون إيجابيا إذا تم تطبيق ما سيتم الوصول إليه في محاوره من مناقشات وتوصيات، حيث من المقرر أن تشمل محاور هذا المؤتمر الحديث عن الفضاء الإلكتروني باعتباره ضرورة العصر، والوسائل غير التقليدية وأثرها في تناول الخطاب الديني، وكذلك الفتوى الإلكترونية، وكذلك التحفيظ والتدريس عن بعد، وخطورة الاستخدام غير الرشيد للفضاء الإلكتروني، وكيفية تصحيح المسار، وكذلك خطورة الاستخدام غير الرشيد للوسائل العصرية في المجال الدعوي، وتصحيح المسار.

وعلى الرغم من أهمية تلك المؤتمرات إلا أننا بحاجة إلى آليات عملية يتم استغلالها في مجال العمل الدعوي للانتشار عبر الفضاء الإلكتروني تجمع بين جهد الدعاة عبر الوسائل التقليدية كخطب الجمعة والدروس الدينية، وبين النشر عبر الفضاء الإلكتروني، من خلال عمل نوافذ إلكترونية على أعلى درجة من الحرفية في نشر مقاطع الفيديو الدعوية والتي يتم تصويرها على أعلى درجة من الدقة وأدوات الجذب لنشرها عبر وسائل التواصل المختلفة.

الأمر الثاني الانتقال من تدريب الدعاة التقليدي على التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي إلى التدريب الجاد والممارس لتلك الوسائل من خلال التعرف على أكثر الطرق المساعدة في عمل مقاطع الفيديو الجاذبة للمشاهدة، والتعرف على أهم الموضوعات التي ينبغي أن يتم الدعوة فيها من خلال الفضاء الإلكتروني، مع تخصيص لجان إلكترونية مساعدة للدعاة تعينهم على التدريب المستمر لرفع مستواهم الدعوي عبر الإنترنت.

إن العالم الإسلامي أصبح يواجه تحديا دعويا ودينيا كبيرا من خلال التواصل في وسائل الفضاء الإلكتروني، وظهور أداوت الذكاء الاصطناعي التي تعمل على استحداث تقنيات حديثة تسهم في جذب العقول، وإقناع الكثيرين بما هو مراد من الرسالة الموجهة إليه، ولا أكون مبالغا إن قلت إنه لو استطعنا أن نعمل على استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الدعوي والديني فلنفعل وبأسرع وقت حتى نكون سابقين في مواجهة ما هو قادم من وسائل يمكن أن نطلق عليها وسائل تحتل العقول.

** صحفي مصري وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة

تعليق عبر الفيس بوك