محفزات ومعوقات الاستثمار (4)

 

أحمد بن سالم بن شامس الحجري

8ـ الترويج الإلكتروني

إنَّ وضع بيانات ومعلومات وما تمثله من تحليل لبيئة الأعمال ومؤشرات اقتصادية وما تقدمه من حوافز من خلال التشريعات المنظمة للاستثمار على صفحات الإنترنت والذي يتعامل معه أكثر من 4,2 مليار شخص على مستوى العالم.

ونجد أن الجهات الرسمية الجاذبة للاستثمار في سلطنة عمان اتجهت في هذا الاتجاه بحيث قامت بتوفير كافة البيانات والمؤشرات على مواقعها الإلكترونية لسهولة الوصول إليها من قبل المستثمر لتعمل على مساعدته على الاستثمار في السلطنة، إضافة إلى التسويق الإلكتروني عبر منصات عالمية وقنوات فضائية معنية بالاستثمار والتسويق العالمي للمشاريع الاقتصادية العملاقة ومنصات وزارة التجارة وترويج الاستثمار ومنصة مدائن.

9ـ مكانة سلطنة عمان في تصنيف المؤشرات الدولية المناخ والاستثمار.

 هناك عدد من المؤشرات الدولية يعتمد عليها المحللون الاقتصاديون ورجال الأعمال الدوليون في أي دولة يرغب بالاستثمار بها وهذه المؤشرات يستقريها المستثمر الأجنبي قبل اتخاذ قرار الاستثمار وهي معتمدة وفق مؤشرات دولية موثوقة حول الاستثمار الأجنبي ومن أهم هذه المؤشرات هي:

أولا: مؤشر سهولة أداء الأعمال.

يغطي هذه المؤشر اقتصاديات 183دولة ومعني بقياس القوانين والإجراءات الحكومية على اقتصاديات الدولة ويصدره البنك الدولي منذ عام 2003 ويعتمد هذا المؤشر على مؤشرات فرعية تشمل ما يلي:

  • بدء المشروع
  • آلية استخراج التراخيص
  • تسجيل ملكية المشروع
  • توفير العمالة
  • تسهيلات الحصول على تمويل
  • حماية المستثمرين
  • آلية دفع الضرائب التجارية
  • تنفيذ العقود
  • إغلاق المشروع

ونوضح هنا الترتيب العالمي لمؤشر الأداء العالمي لسلطنة عمان خلال الفترة (2014-2020)

السنة

2014

2015

2016

2017

2018

2019

2020

 

الترتيب

 

47

 

66

 

70

 

66

 

71

 

78

 

68

 

كما حققت سلطنة عمان الرابع عربيا في ممارسة الأعمال لعام 2018 وحققت الأول عربيا في مؤشر بدء النشاط التجاري وهو أحد أهم المؤشرات التي ركز عليها تقرير البنك الدولي وحققت المركز الثامن في مؤشر استخراج ترخيص البناء والخامس في مؤشر الحصول على الكهرباء.

وحققت المرتبة الأولى على مستوى دول الخليج العربي في مؤشر"التجارة عبر الحدود" كما حققت في مؤشر "إنفاذ العقود" لتحل في المرتبة 69 عالميا وتقدمت في مؤشر "تسوية حالات الإعسار" لتحرز المرتبة 69 عالميا.

ثانيا: مؤشر التنافسية العالمية

ويصدر هذا المؤشر عن طريق "المنتدى الاقتصادي العالمي"

وهو من أبرز المؤشرات انتشارا ويعتمد على عدد من المحددات لقياس القدرة التنافسية للدول وهو عبارة عن حزمة من الإجراءات والسياسات الاقتصادية المساندة لعملية التنمية الاقتصادية في الدول ويعتمد على تحليل اقتصاد الدول في 3 أركان وهي:

  • البيئة الاقتصادية الكلية "معدل نمو التضخم، الأداء المصرفي".
  • كفاءة المؤسسات العامة والأجهزة وفاعلية التشريعات في مجال حماية الملكية الفكرية والتطور التكنولوجي.

ويتراوح المؤشر من 1 إلى 7 درجات كلما ارتفع رصيد الدولة من النقاط حققت مستوى أعلى من التنافسية.

ويظهر هنا الترتيب في هذا المؤشر لسلطنة عمان خلال الفترة من "2014 ـ 2020".

 

السنة

2014

2015

2016

2017

2018

2019

2020

 

الترتيب

 

46

 

62

 

66

 

62

 

47

 

53

 

68

 

وبالتالي فإن اقتصاد سلطنة عمان يصنف ضمن "الاقتصاديات الحرة" والذي من شأنه زيادة الحرية الاقتصادية التي تساعد الحكومة على تنويع مصادر الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على النفط.

ثالثا: مؤشرات الفساد والشفافية "مدركات الفساد"

يعرف الفساد بأنه "سوء استعمال الوظيفة العامة من أجل تحقيق مكاسب شخصية ليس لها علاقة بمتطلبات الوظيفة" ويصدر هذا المؤشر عن مؤسسة الشفافية الدولية وبدأ العمل به منذ عام 1955م وهو معني بالأجهزة الحكومية من حيث مستوى الفساد والشفافية وهذا المؤشر يقيم الدولة على مقاس من 0 إلى 10 نقاط فالدولة التي تحصل على 10 نقاط تتمتع بالثقافة ولا مكان للفساد فيها، وفي عام 2012م أتبعت مؤسسة الشفافية الدولية طريقة جديدة لاحتساب مدركات الفساد باعتبار النقاط من 10 تكون خالية من الفساد وكلما اقتربت الدول من صفر ارتفع الفساد بها ويغطي التقرير 180 دولة

والجدول التالي يوضح مؤشرات الفساد والشفافية في سلطنة عمان

السنة

2014

2015

2016

2017

2018

2019

2020

 

الترتيب

 

64

 

60

 

64

 

68

 

53

 

42

 

49

 

تقدمت السلطنة 6 مراكز في مؤشر مدركات الفساد لعام 2020م الصادر عن منظمة الشفافية الدولية مقارنة بعام 2019م حيث احتلت السلطنة المركز الثالث عربيا و 49 عالميا من بين 180 دولة.

 

معوقات الاستثمار في سلطنة عمان:

يعتبر قطاع النفط والغاز هو القطاع الرئيسي في سلطنة عمان والذي بدأ التنقيب عنه مبكرا منذ عام 1925 إلا أن سلطنة عمان تمكنت من تصدير أول شحنة للنفط الخام عام 1967 وقدرت تلك الشحنة543,8 برميل وبسعر 1,42 دولار أمريكي ومن ذلك التاريخ ظل هذا القطاع هو المسيطر والمهيمن على اقتصاد سلطنة عمان حيث بلغ متوسط مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي في نهاية الربع الثالث من عام 2020 حوالي 5مليارات و790 مليوناً و900 ألف بانخفاض وقدره 24,4% عن عام 2019 وبلغ متوسط الإيرادات النفطية حوالي 64% من إجمالي عوائد الصادرات ونسبته 45%من الإيرادات الحكومية ونسبة 50% من الناتج المحلي الإجمالي.

وبالتالي ارتبطت التنمية في سلطنة عمان بحجم الإيرادات النفطية الأمر الذي جعل من الاقتصاد العماني رهين التقلبات العالمية لأسعار النفط الأمر الذي أدى إلى تقلص فائض الموازنة العامة وتباطؤ في مسيرة الاستثمار ومشاريع التنمية.

ومن معوقات الاستثمار في سلطنة عمان وهي:

أولا: مشكلة الباحثين عن العمل.

حيث تمثل هذه الظاهرة الاقتصادية وجود خلل في النشاط الاقتصادي ولها آثار اجتماعية على تركيبة المجتمع وهي من معوقات التنمية الاقتصادية الحقيقية وتتلخص في ما تحدثه من نمو في الناتج القومي الإجمالي دون أن يصحب ذلك تطور متوازن في القاعدة الإنتاجية.

ومن أهم أسبابها:

1-مفهوم التنمية التقليدي والنموذج المرتبطة به.

2-العلاقة غير المتكافئة مع القوى الاقتصادية الكبرى.

3-ضعف في خصائص القاعدة البشرية والتي تخشى تغيير في البيئة الاقتصادية.

ثانيا: عدم التوسع في البنية الأساسية والعمل على تحسينها.

إن ما يؤديه قطاع النقل "الموانئ السكك الحديدية، الطرق البرية" من دور فعال وإيجابي في توفير المناخ الاستثماري والملائم الأمر الذي بدوره يساهم وبشكل كبير في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في البلد.

وبالتالي من الأهمية الاستثمار في هذا القطاع الحيوي من قبل الدولة ليبقى جاذبا للاستثمار في مجالات معينة ومحددة فنجد من الأهمية:

أ ـ إنشاء ميناء بحري أو مرفأ للتصدير في ولاية شليم وجزر الحلانيات.

 وأصبح إنشاء هذا الميناء من المشاريع الاستراتيجية والحيوية والهدف منه تصدير مادة الجبس إلى الموانئ العمانية أو التصدير إلى الأسواق العالمية لما تتميز به جبال ظفار (ثمريت، شليم وجزر الحلانيات) من توفر لهذه المادة حيث تسعى السلطنة أن تكون أكبر مصدر للجبس عالميا ومن المتوقع أن تتجاوز الصادرات من هذا الخام 10 ملايين طن.

بـ - سرعة الإعلان عن مدينة صناعية في منطقة مرمول بولاية شليم وجزر الحلانيات.

وتخصص هذه المدينة للصناعات النفطية والبتروكيماويات وصناعة الأسمنت والألواح الجبسية بغية تحقيق القيمة المضافة بدل التصدير المباشر خاصة لمادة الجبس.

ج ـ - إنشاء طريق للسكك الحديدية يتم ربطه بين مقالع الجبس والميناء البحري والمدينة الصناعية لتحقيق سهولة التصدير المباشر سواء الجبس الخام أو المصنع.

د ـ - المسارعة في إنشاء ميناء بحري في ولاية صور.

وإن المتوخى من إنشاء هذا الميناء أن يكون (( ميناء عبور عالمي المستوى)) يستفيد من قربه من شبه القارة الهندية وإيران وآسيا الوسطى وأن يكون مركزا عالميا للخدمات اللوجستية في دول مجلس التعاون الخليجي، وفي حالة إنشائه في مدينة صور الصناعية بموقعه الاستراتيجي يظل مثالا لتطوير منطقة حرة ومنتزه صناعي ثقيل وخفيف ومبادرات للتعدين ومبادرات للأمن الغذائي.

ثالثا: عدم القدرة على التنويع الاقتصادي.

دأبت سلطنة عمان على وضع عدد من الخطط الخمسية بدأ من الخطة الخمسية الأولى ((1976 – 1980)) أول استراتيجية تنموية طويلة المدى في عمان للفترة من عام 1976 إلى 1995م.

وكانت هذه الخطط تنادي وتؤكد عل التنويع في مصادر الدخل وكان آخر البرامج الوطنية للتنويع الاقتصادي هو البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي ((تنفيذ)) بهدف ربط استراتيجيات القطاعات الاقتصادية الحيوية والتي تتمثل في عدد من القطاعات أهمها الصناعة، والنقل والتموين، والتعدين والسياحة، والثروة الزراعية السمكية ولما تحققه هذه القطاعات في تعزيز وتنويع مصادر الدخل القومي وتحقيق أهداف خطة التنمية الخمسية التاسعة ((2016م – 2020م)) وخلق شراكة بين القطاعين العام والخاص وبرغم الأهداف السامية التي أنيطت ببرنامج ((تنفيذ)) وأهمها :

  • وضع خطة لزيادة الاستثمارات الخارجية والداخلية.
  • زيادة الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة عمان.
  • تحديد نسبة الاستثمارات الرأسمالية غير الحكومية بحيث لا تقل عن 80% للتمويل مبادرات القطاعات الرئيسية للبرنامج.
  • تحقيق الأهداف والبرامج والسياسات المحددة للتنويع الاقتصادي في الخطة التاسعة.

الا أننا نلاحظ أن هناك تباين في الخطة الموضوعة فمثلا في مجال الاستثمارات الخارجية والداخلية خلال الخطة الخمسية التاسعة بلغ نحو 9 مليارات و736 مليونا و900 ألف استحوذ قطاع النفط والغاز ما نسبته 56,6% من إجمالي الاستثمار.

لذلك نجد أنه مازال قطاع النفط والغاز هو الجاذب للاستثمار في حين هناك ضعف في بقية القطاعات الأخرى.

كما نجد أن الناتج المحلي الإجمالي خلال الخطة الخمسية الثامنة حقق نمو جيدا وصل إلى نسبة 18,9% في عام 2011.

في حين أن الناتج المحلي الإجمالي خلال الخطة التاسعة تراجع بنسبة 4% عن القيمة في نهاية 2018م، وذلك مع انخفاض قيمة الأنشطة النفطية والغاز بنسبة 8,4% عن إجمالي القيمة.

رابعا: المعوقات الإجرائية وقيودها البيروقراطية في بطء الإجراءات الإدارية والحكومية.

أدركت سلطنة عمان أن القيود البيروقراطية والبطء في الإجراءات أصبح هاجسا كبيرا وطاردا لمناخ الاستثمار وغير جاذب في ظل التنافسية العالمية لجذب مزيد من الاستثمار وتهيئة المناخ الجيِّد له.

ونظم مجلس الشورى العماني قبل عشرين عاما ندوة لمناقشة أوضاع الجهاز الإداري للدولة بجناحيه العام والخاص بقصد تسهيل وتسريع اتخاذ القرارات وذلك تحت شعار ((تبسيط الإجراءات الإدارية في الدولة ))

حيث ناقشت الندوة عددا من المحاور أهمها:

  • المعوقات الإدارية التي أثرت على فرص الاستثمار والتنمية الشاملة.
  • قطاع الخدمات وما يواجه من معوقات إدارية.
  • التسريع ودوره في تبسيط الإجراءات.
  • التعرف على نماذج من الدول التي سارعت في تبسيط الإجراءات وإنجاز المعاملات مثل سنغافورة وماليزيا.

وقدمت عددا من البحوث والدراسات فيما يتعلق بتبسيط الإجراءات يتواكب وقتها مع رؤية عمان 2020م.

وتوجت توصيات الندوة لاحقاً بتعديل كثير من التشريعات خاصة قانون استثمار رأس المال الأجنبي.

وبرغم ذلك فإنَّ القيود الإجرائية ما زالت ظاهرة أمام المستثمرين سواء كانت على هيئة تسهيلات أو خدمات.

** دراسة اقتصادية مطوّلة تنشرها "الرؤية" على حلقات.

تعليق عبر الفيس بوك