◄ التعليم المسائي في مرمى انتقادات الأعضاء: "انتكاسة تعليمية"
◄ مقترح باستحداث وظيفة مساعد معلم خاصة لمدارس الحلقة الأولى
◄ تساؤلات حول تعمين مهنة معلم اللغة الإنجليزية واستيعاب خريجي "تقنية المعلومات"
◄ الدعوة لتوظيف أخصائيين نفسيين في المدارس الحكومية لمعالجة "الظواهر الطارئة"
◄ مطالب بتطبيق نظام "رياض الأطفال" في المدارس الحكومية
◄ تطوير البنية الأساسية لتتناسب مع التقنيات التعليمية الحديثة
الرؤية- سارة العبرية
استعرضت معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم، بيان وزارتها أمام مجلس الشورى، الأربعاء، جهود الوزارة لتطوير التعليم كمًا ونوعًا، والإجراءات التي اتخذتها الوزارة لمعالجة مختلف التحديات التي تواجه مسيرة التعليم في السلطنة.
جاء ذلك خلال أعمال جلسة مجلس الشورى الاعتيادية السابعة لدور الانعقاد العادي الثاني (2024- 2025) من الفترة العاشرة للمجلس (2023- 2027)، التي عقدت برئاسة سعادة خالد بن هلال المعولي رئيس مجلس الشورى، وحضور أصحاب السعادة أعضاء المجلس.
وكانت الجلسة قد بدأت بكلمة سعادة رئيس المجلس رحب خلالها بمعالي الدكتورة وزيرة التربية والتعليم، داعيًا أصحاب السعادة الأعضاء إلى تقديم الرؤى والمقترحات التي تتوافق مع استراتيجية تطوير سياسات وجودة التعليم المدرسي، وتوحيد الجهود وتوجيه الإمكانات لتحقيق الصالح العام.
وتضمن بيان الوزارة 4 محاور رئيسة، وقالت معاليها إن المتتبع لمسيرة التربية والتعليم في سلطنة عُمان يلاحظ ما تحقق على صعيد التطور الكمي والنمو المتسارع في نشر مظلة التعليم؛ إذ وصل عدد طلبة المدارس الحكومية إلى أكثر من 817 ألف طالبا وطالبة في العام الدراسي (2024- 2025) يتلقون تعليمهم في 1287 مدرسة، يقوم بتدريسهم حوالي 63776 معلمًا ومعلمة، يشكلون ما نسبته 85.5% من إجمالي العاملين بالحقل التربوي. وأضافت معاليها أن الطلب على التعليم ما زال في تزايد بدرجة غير مسبوقة في الخطة الخمسية العاشرة (2021- 2025)، وأن هذه الزيادة في أعداد الطلبة والمدارس ستستمر في الخطة الخمسية الحادية عشرة، وذلك مع تزايد عدد الطلبة غير العُمانيين؛ إذ من المتوقع أن يصل عدد الطلبة في المدارس الحكومية في العام 2030 إلى 938000 طالب وطالبة.
وأوضحت أن عدد المدارس الحكومية في الخطة الخمسية التاسعة (2016- 2020) ارتفع بواقع 114 مدرسة، أما في الخطة الخمسية العاشرة (2021- 2025) فقد ارتفع عددها بواقع 124 مدرسة جديدة، مشيرة إلى أن عدد المدارس المسائية في العام الدراسي الحالي (2024/ 2025) وصل إلى 135 مدرسة.
وأكدت الشيبانية أن سلطنة عُمان شجعت الاستثمار في التعليم؛ فاهتمت بتنظيم التعليم الخاص وقدمت له الدعم الممكن واهتمت بعملية الإشراف عليه، الأمر الذي رفع من عدد المدارس الخاصة إلى 1223 مدرسة خاصة ودولية وروضة في العام الدراسي 2024/2025، مقارنة مع 880 مدرسة في العام الدراسي 2019/2020، بنمو قدره 39%)، وارتفع عدد الطلبة بها من حوالي 189000 طالب وطالبة في العام الدراسي 2019/2020 إلى 233116 طالبًا وطالبة في العام الدراسي 2024/2025، بنمو قدره 23%، منهم 94000 طالب وطالبة في التعليم قبل المدرسي، ووصل عدد المعلمين إلى 18357 معلمًا ومعلمة، وبلغت نسبة التعمين في المدارس الخاصة 49.2% في الوظائف التدريسية و82.7% في الوظائف الإدارية.
وأكدت أن الوزارة ركزت اهتمامها على التطوير النوعي في مجالات المناهج الدراسية، والتقويم التربوي، والبرامج التدريبية، والتوجيه المهني، والمدارس الخاصة، والتربية الخاصة، والقطاعات الإدارية والمالية، والتحول الرقمي، وغيرها من عناصر العمل، وقد بدأ أثر ذلك جليا وعلى نحو إيجابي على الكفاءة الداخلية للنظام التعليمي. وأوضحت معاليها بأن سلطنة عُمان تعد من الدول المتقدمة في مؤشر التعليم المدرسي؛ إذ لا تتجاوز نسب الانقطاع 1.20% في جميع الصفوف الدراسية (1- 12) وتنخفض إلى 0.4% بمرحلة التعليم الأساسي، في حين تزيد عن ذلك بكثير في أغلب دول العالم. وأشارت معاليها إلى أن الإحصائيات تظهر أن عُمان توفر التعليم لكلا الجنسين بالتساوي؛ حيث بلغت نسب الالتحاق الصافي المعدلة للإناث 97.9 وللذكور 97.7% للصف الأول. وأكدت الشيبانية أن الوزارة وظفت تكنولوجيا المعلومات بالمدارس لمواكبة طرق التدريس الحديثة مثل استخدام النظام الصوتي، والتلفاز والسبورة الذكية وجهاز العرض والنظام العالمي لتحديد المواقع وأجهزة الروبوت والحواسيب.
في المقابل، تركزت مناقشات أصحاب السعادة أعضاء المجلس على أهمية تجويد التعليم المدرسي من خلال تطوير المناهج؛ بما يتناسب مع التطور الرقمي والتكنولوجي، وإيجاد بيئة تعليمية مناسبة ومواكبة للمتغيرات الرقمية إلى جانب أهمية تأهيل المعلم وتعزيز مهاراته بما ينعكس إيجابًا على جودة التعليم المدرسي.
وحول تنامي الطلب على التعليم المدرسي، تساءل الأعضاء عن خطة الوزارة لاستيعاب كل هؤلاء الطلبة على أن ألا تُقابل هذه الزيادة، ارتفاعًا في أعداد المدارس المسائية. واشتملت استفسارات الأعضاء خطة الوزارة في توظيف معلم مساعد بحيث لا تؤدي زيادة أعداد الطلبة إلى زيادة أنصبة المعلمين، وبالتالي التأثير على جودة التعليم. وأفاد أصحاب السعادة بأن السياسة التعليمية وضعت في أجندتها تقليص المدارس المسائية، لكن ما حدث في السنوات الأخيرة يعد "انتكاسة تعليمية"؛ حيث زادت أعداد المدارس المسائية وارتفعت الكثافة الطلابية، وكل ذلك يؤثر على جودة التعليم.
وتساءل أعضاء الشورى عن أسباب عدم تنفيذ هدف الخطة الخمسية العاشرة المتعلقة بأعداد المدارس، والتي كان يجب أن تصل إلى 251 مدرسة، بينما لم يُنفذ منها سوى 113 مدرسة، مع التأكيد على ضرورة تحقيق الأهداف المتعلقة بالمباني الدراسية لمعالجة مشكلة المدارس المسائية.
وأشاد أصحاب السعادة الأعضاء بالدور الكبير للمعلم في العملية التعليمية، إلّا أن هناك العديد من المدارس تعاني من نقص المعلمين، وهذا الأمر يُشكل خطورة كبيرة على التعليم في المراحل جميع الدراسية، وأن عدم توافر معلم يؤدي إلى إشكاليات أكثر من الفاقد التعليمي، ويمثل ضغطًا على بقية المعلمين الذي يقومون بتغطية العجز دون جدوى؛ إذ لا يمكن لهم تدريس مقررات خارج تخصصاتهم العلمية.
واقترح أصحاب السعادة استحداث وظيفة مساعد معلم خاصة لمدارس الحلقة الأولى تستقطب الخريجين الجدد، كما ارتأوا النظر في سنوات التقاعد للإناث في الهيئة التدريسية؛ لأن وظيفة المعلم من الوظائف التي تتطلب بذل الكثير من الجهد تنعكس على حياة المرأة وصحتها، كما أن هذا الأمر يتيح الفرصة للخريجين الجدد للعمل في السلك التربوي.
وأشار أصحاب السعادة الأعضاء إلى أن وزارة التربية والتعليم حققت نسبًا عالية في التعمين خلال السنوات الماضية، ولكن بدأت النسب بالتراجع، خاصةً في الكوادر الوطنية من الذكور وفي التخصصات العلمية عامة، وأصبح هناك أعدادا من الوافدين خاصة في معلمي اللغة الإنجليزية، مشيرين إلى أن هناك أعدادا كبيرة من المخرجات الوطنية في هذا التخصص، متسائلين عن أسباب عدم التعاقد معهم وتدريبهم وتأهليهم ثم تعيينهم. كما أشاروا إلى تزايد المخرجات من تأهيل تقنية المعلومات، مستفسرين عمَّا إذا كان لدى الوزارة خطة واضحة بالتعاون مع وزارة العمل لتوظيفهم، أو التنسيق مع التعليم العالي لوقف هذا التخصص والتأهيل فيه إلى حين توظيف العدد المتراكم من المخرجات.
وتساءل أصحاب السعادة عن الأسباب التي دفعت الوزارة إلى تقليص الوظائف الإدارية؛ حيث تعاني معظم المدارس من عدم اكتمال الطاقم الإداري، وهذا النقص يدفع إلى توزيع المهام على الكادر الإداري الموجود دون أي حوافز تذكر. واقترح أعضاء المجلس كذلك توظيف أخصائيين نفسيين في المدارس الحكومية من أجل معالجة عدد من الظواهر النفسية الطارئة على الطلبة في ظل التطورات والمتغيرات المجتمعية بسبب الثورة المعلوماتية والانفتاح الثقافي.
وخلال الجلسة دارت تساؤلات عديدة حول سياسة الوزارة بشأن المناهج، وقال الأعضاء إن تطوير المناهج الدراسية يسير "بصورة بطيئة جدا" ولا يتوافق مع القفزات المعرفية التي يشهدها العالم.
وحول مسارات التعليم ما بعد الأساسي، التي ارتأت الوزارة أن يكون وفق مسارين مسار التعليم العام، ومسار التعليم التقني والمهني المتضمنة (إدارة الأعمال، وتقنية المعلومات، والتخصصات الهندسية والصناعية)، فقد استفسر أصحاب السعادة عن مبرّرات اختيار تلك التخصصات ومدى مواءمتها مع احتياجات سوق العمل، وهل قامت الوزارة بدراسات لقياس أثر هذه المسارات على مخرجات التعليم وجاهزية الخريجين لسوق العمل.
وتحدث أصحاب السعادة أعضاء المجلس عن عدد من المشكلات والتحديات المتكررة في بداية كل فصل دراسي، مثل تأخر تسليم الكتب الدراسية للطلبة، واستمرار أعمال الصيانة أثناء اليوم الدراسي، وأزمة الحافلات المدرسية ونقصها وتزاحم الطلبة فيها، وعدم وجود مظلات لانتظار.
وذكر أصحاب السعادة بأن الوزارة تأخرت في توفير التعليم المبكر الحكومي (التعليم قبل المدرسي) في المحافظات التعليمية؛ مما نجم عن عدم وجود عدالة في فرص التعليم لفئة الصغار، حيث تم اقتراح تطبيق نظام التعليم ما قبل المدرسة الحكومي «رياض الأطفال»؛ باعتباره مرحلة تعليمية تربوية تعد الطفل للدخول إلى المدرسة الابتدائية.