مدرين المكتومية
لا يجب أن يُساء فهم القانون الجديد الخاص بإتاحة زواج العمانيين من أجانب، وكأنَّه يضر بنساء عُمان؛ فالأمر في جوهره يرتكز على تعزيز الحريات الفردية والاجتماعية مع تأكيد حق الإنسان في اختيار شريك حياته، وفقاً لخياراته الشخصية دون أي تدخل ومؤثرات تحد من هذه الحرية، وهو الأمر الذي سيعود بفوائد كبيرة سواء على مستوى الأفراد والمجتمع أو على مستوى الدولة؛ لأن هذا القانون سيُعزز من سجل حقوق الإنسان في سلطنة عُمان عالميًا.
ما الذي يمنع ارتباط شخصين من جنسيتين مختلفتين دون مخالفة الشرع الحنيف والأعراف المجتمعية الأصيلة، شريطة أن يكون الاختيار قائمًا بالفعل على مشاعر حقيقية وإرادة صادقة في الارتباط بين الطرفين؟ أما بالنسبة للفريق الذي يرى أن هذا الأمر قد يؤثر على التركيبة السكانية، فيجب العلم بأن من كان يريد الزواج من أجنبي (سواء مواطن أو مواطنة) لم يكن ليحول دون قراره أي قانون؛ لأنَّ الفيصل في هذه الحالة قانون المشاعر والعاطفة. غير أن القانون الجديد منح المواطن كامل الحق في اختيار شريك حياته من أي جنسية دون أن يخشى عدم الاعتراف بهذه الزيجة أو تعرضه لفقدان وظيفته أو غيرها من الأمور الأخرى.
حتى أولئك الذين يتحدثون عن التماسك الأسري وربما الزواج من الخارج قد يتسبب في اختلال المنظومة الأسرية، لكن يجب التوضيح أن هناك العديد أو ربما الآلاف من العمانيين والعمانيات الذين يصلون إلى الطلاق والانفصال التام بسبب الخلافات الزوجية التي لا تنتهي، والأمر ربما لا يرتبط بكل ذلك، فمن المؤكد أن هذه الخلافات لا علاقة لها بالجنسية بقدر ما هي مرتبطة بالتفاهم والوئام بين الطرفين.
علينا أن نرى الأشياء بمختلف جوانبها، فمن كان يرى الجانب السيئ لهذا الموضوع عليه أيضا أن يرى مميزات هذا القانون، بحيث إنه يسمح لكل الذين تزوجوا من قبل وواجهوا إشكاليات في توثيق هذا الزواج، أن الفرصة باتت سانحة لتوفيق أوضاعهم وتوثيق زواجهم، وبذلك فإنَّ هذا القانون يرسخ مبدأ التماسك الأسري.
هناك عدد من الأشخاص الذين واجهوا الكثير من الأزمات في حياتهم ولا يمكنهم الارتباط لربما من الداخل لأسباب كثيرة، قد يكون لهم فرصة في الزواج وبدء حياة جديدة، وعلينا أن ندرك أن هناك نساء كثر يمكنهن تيسير حياة أزواجهن وهناك أخريات قد يتسببن في زيادة حجم المشكلات، فالأمر في مجمله لا يتعلق بجنسية الزوج أو الزوجة، بقدر ما يتعلق بطبيعة العلاقة بين الطرفين، خاصة وأن الحب لا يستأذن ولا يخضع للقوانين إلا لقانون القلب والمشاعر التي لا يملك المشرعون أن يتدخلوا فيها.
لنكن أكثر حكمة في كل أمور الحياة، ولنعتبرها دعوة لنشر الحب والوئام بين الناس، ولا يجب على أي فرد من المجتمع أن يخشى من هذه القوانين لأنها بالطبع منظمة ومدروسة وليست قوانين لإتاحة المجال لأي شخص أن يفعل ما يشاء.
وقبل الختام، ورغم كل ما سبق، أقول إنه يجب على كل من يريد الزواج من أجنبي أن يفكر مرة واثنين وثلاث، ويتأكد أن هذا القرار نابع من رغبة داخلية صادقة وحقيقية، وليس حاجة عابرة وشعور مؤقت، ويجب التأكد من أن هذا الزوج هو اختيار العمر الذي لن يندم عليه في يوم من الأيام، ولا يرتبط الأمر بالترف أو بالبحث عن الاختلاف بقدر ما يكون هناك دافع داخلي بأن هذا الشخص هو الذي يمكن أن يُكمِل معه ما تبقى من عمره، وأن يكون شريكًا له في العلاقة؛ فالزواج شراكة تقوم بين طرفين متفاهمين، ونتيجة لذلك ينجبان أبناءً بارين وصالحين.