الحكمة ضالة المؤمن

 

 

علي بن حمد بن عبدالله المسلمي

aha.1970@hotmail.com

الوطن العربي الكبير من المحيط إلى الخليج، بقوته البشرية وموارده الغنية وما حباه الله من موقع إستراتيجي، ووقوعه بين ممرات مائية وبرية وفيه الأماكن المقدسة التي شرفه الله بها، يحتاج إلى وقفة نظر وتأمل لإصلاح ذات البيْن بين ربوعه، هل عجزت النّساء أن تلد مثل أبو سليمان؟

لا سيما أنَّ هناك تاريخًا مشتركًا وجغرافية مترابطة ومترامية الأطراف ولغة تعبر عن مكنونات الشّعوب التي تعيش على أرضه وتستنشق هواءهُ وتشرب من مائه وتستريح على ثراه الطّاهر.

بلادُ العُربِ أوطـان *** منَ الشّـامِ لبغدان

ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ *** إلى مِصــرَ فتطوانِ

فلا حدٌّ يباعدُنا *** ولا ديـنٌ يفرّقنا

لسان الضَّـادِ *** يجمعُنا بغسَّانٍ وعدنانِ

والملاحظ أنَّ الواقع الحالي لا يخفى على ذي لُبٍ وما آلت إليه الأمور من تدهور في بعض أقطاره؛ مثل: سوريا واليمن وفلسطين ولبنان والصّومال؛ بسبب الحروب والكوارث الطّبيعية والبشرية؛ التي أدت لمآلات سيئة، أكلت معها الأخضر واليابس وشردت العباد في أقطار المعمورة بحثاً عن ملاذ آمن ودفء واطمئنان وأثقلت البلاد وأهلكت الحرث والنّسل.

ولا شك أنَّ العقلاء والحكماء من هذه الأمة يسعون لرأب الصَّدع وتقريب وجهات النّظر ولمّ الشّمل لتسوية النّزاعات وإصلاح ذات البيْن بين المتخاصمين والفرقاء من أجل السّلام بين أبناء الوطن الواحد ليعيش الجميع في وئام وسلام. وإن ما تشهده السّاحة اليوم وما تبرزه وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والمرئية ووسائل التواصل الاجتماعي من مساعٍ حميدة لتقريب وجهات النّظر لإيجاد حلول لهذه الاختلافات والنّزاعات والقضاء عليها لاستتباب الأمن في ربوع الوطن الواحد، والذي ينعكس بدوره على أرجاء الوطن العربي الكبير لحريّ أن يتمسك أبناءه بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها: "المُؤْمِنَ للمؤمنِ كالبُنْيانِ يشدُّ بَعضُهُ بعضًا".

ومن الأمثلة على ذلك ما تبذله سلطنة عمان وشقيقتها المملكة العربية السّعودية من مساع حثيثة وحميدة في رأب الصّدع في اليمن والوصول إلى اتفاق يرضى جميع الأطراف لإحلال السّلام في اليمن السّعيد بين أطرافه الذي هو مادة العرب وأصله: "مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ. مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى".

وكذلك في سوريا الشّقيقة ما نلمسه من إعادة فتح السّفارات والقنصليات لها في تونس والمملكة العربية السّعودية والزّيارات المتبادلة بين الزّعماء كزيارة الرّئيس السّوري لعُمان والإمارات العربية المتحدة وزيارات وزراء الخارجية العرب لها وبعض الوفود تمهيدًا لعودة سوريا إلى بيتها الكبير.

وأيضًا عودة العلاقات بين مملكة البحرين ودولة قطر وقبلها عودة المياه إلى مجراها  الطّبيعي بين المملكة العربية السّعودية وجمهورية مصر العربية والإمارات العربية المتحدة وقطر.

كلُّ ذلك يدل دلالة قاطعة، على أن هذا الوطن الكبير، يحرص أبناؤه على لمّ الشمل وعودة هذه الدّول إلى أحضان شعوبها ووطنها الكبير؛ حتى يسعد أفراده بخيراته. والعيش بوئام وسلام ليعم السّلام ربوع العالم: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ".

الشُّكر لهؤلاء الحكماء العظماء لا يفي بحقهم؛ ولكن أجرهم عند الله عظيم؛ فإصلاح ذات البيْن من أعظم الأجور عند الله عز وجل.. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصّيام والصّلاة والصَّدقة. قالوا: بلى. قال: إصلاح ذات البيْن".

تعليق عبر الفيس بوك