رجال تُرفع لهم المصرات

 

د. أحمد العمري

في بعض دول العالم يرفعون القبعات تقديرًا واحترامًا لشخص مُتميز أو مجهود منقطع النظير، لكننا في سلطنة عمان نرفع المصرات لذات الغرض وبنفس المفهوم والسياق؛ لأنها أعلى لبس يلبس على الرأس، وهي دلالة العز والمجد والشموخ والأنفة والسمو.

لقد أجاد العمانيون في جميع التخصصات وبرعوا في كل المجالات، لكن هناك مواقف نادرة الحدوث وصعبة التحقيق، غير أن العمانيين يقومون بها ويحدثونها ويسجلونها بكل فخر واعتزاز وربما تحدث في عمان بشكل شبه يومي وأغلبها لا يُوثق؛ بل ولا يعرف عنه الآخرون لأن طبيعة العماني نافرة من الإعلام ومبتعدة عن الأضواء.

إن المشهد الذي سطره الطيار العماني البارع بشرطة عمان السلطانية لهو مشهد رهيب وموقف بطولي خالد وملحمة وطنية وسيمفونية عمانية غاية في الإبداع ومتقنة في التنفيذ ودقيقة في التفاصيل، وذلك عندما هبط بطائرته هبوطا احترافيا فوق جرف خطير، وعلى حافة وادٍ سحيق وخطير؛ حيث لم تلامس الطائرة الأرض سوى بعجلة واحدة فقط! وذلك عندما كُلف بإنقاذ مواطن من سكان قرى وادي مستل بولاية نخل بعد سقوطه في الجبال المطلة على قرى وادي بني خروص بولاية العوابي يوم السبت الأول من شهر إبريل من عام 2023.

لقد كان المشهد رائعًا والموقف بطوليًا؛ حيث إن المهمة صعبة وشاقة أمام الجميع، لكنها بسيطة وسهلة مع الاحتراف والمهنية وجودة التدريب وكفاءة الشخصية العمانية.

هنا أتذكر الكثير والكثير من المواقف العمانية الشجاعة التي سجلها رجال وماجدات عمان، ذلك الذي أنقذ طفلًا من مجرى السيل، وآخر أنقذ مجموعة من حريق محقق، وتلك التي ضحت بوقتها ومالها وجهدها من أجل عمل تطوعي دون أن تتوقع جزاءً ولا شكورًا.

هؤلاء هم العمانيون، وهذا هو ديدنهم وسجيتهم وطبيعتهم وفطرتهم وعاداتهم وتقاليدهم، وهذه هي مخرجات المجلس والسبلة.. فتحية إعزاز وتقدير وفخر لهم جميعًا لمن عرفنا منهم ولمن لم نعرف منهم.

حفظ الله عمان وسلطانها وشعبها.. وكل عام والجميع بألف خير.