في حضرة جلالة السلطان

 

‏راشد بن حميد الراشدي **

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية

 

استجمعت قواي وأفكاري وأنا أتأهب للقاء جلالة السلطان بعد أن وصلتني رسالة الموافقة لإجراء أول لقاء صحفي معه.. لست بالصحفي المُتمرس، لكن محبة الوطن التي تسكن قلبي والإيمان بالله والوطن والإخلاص للسلطان هي ما يقودني إلى ذلك اللقاء.

اعتمرت المصر مع دشداشة العيد لذلك اللقاء، وكلي شوق لتلك اللحظات الجميلة الحالمة في مسار حياتي الصحفية، واعتبرت نفسي محظوظًا جدًا في ذلك اليوم الماجد من أيام عُمان المشرقة بأن أكون في حضرة السلطان. ومع اقترابي من القصر كانت صور اللقاء تتلألأ أمام عيني بمشاهدها الرائعة وسمات السلطان الباسم في كل صوره والتي تأخذني لأب حانٍ على أبناء شعبه.

ومع وصولي وجلوسي في غرفة منسقة بجمال المكان، كان انتظار المثول بين يدي جلالة السلطان بمثابة الحلم الذي سيتحقق بعد قليل والبدر الذي سيطل على ذلك المكان الجميل لأحمل له أماني الوطن وأبنائه وتطلعاتهم بصدق القول وعظم المشاعر. وفور وصوله وإلقائه لتحية السلام لي ولمن حضر فيمن حولي، كانت بداية المشهد المهيب في ذلك اللقاء السعيد؛ حيث بادرتُ جلالته بالسؤال عن أحواله وصحته بعد رد السلام عليه كما هي عادة أبناء الوطن في توادهم ومحبتهم ولقاءاتهم فكان الجواب؛ بالحمد والثناء والشكر للمنعم عز وجل على ما وهب وأعطى وأنعم.

بعدها سكنت الروح لمن تُحب لإبداء سؤالي الأول له عن الوطن وآمال وتطلعات سيد عُمان؟!

تنهد قليلًا وقال: وهل لسيد عُمان همٌّ سوى الوطن.. لقد حملت أمانةً كبيرة تجاه الله في شعبي ومجتمعي ووطني الذي أكن له كل تقدير واعتزاز، وسعيتُ منذ أول يوم من حكمي لقيادة سفينته بأمان لمراسي الخير والاستقرار، من ترتيب أمور الحكم وهيكلة المؤسسات الحكومية ووضع الأطر والخطط لانطلاقة مستقبلية كاملة تشمل جميع المجالات، وضبط مصادر الدخل وتشجيع الاستثمار لإيجاد موارد جديدة للدولة، وإقامة المشاريع الكبرى وإكمال البنى الأساسية من خدمات ومؤسسات يحتاجها الوطن وأبناؤه، وفق رؤية عصرية ومدة زمنية محددة. وبحمد الله قطعنا شوطًا لا بأس به، سيمضي بعُمان قدمًا إلى الأمام، خاصة مع تقليص الدين العام للبلاد وزيادة مصادر الدخل.

وفي سؤال آخر راودني، وأنا أستمع لكل تلك البشائر، وهو ما يمر به الوطن والعالم من بطء عجلة الاقتصاد والأزمات المالية والسياسية والصحية؛ مما فتح الكثير من الملفات الصعبة أمام التسريع في وتيرة تنمية الوطن وتسخير طاقات شبابه الذين حملوا هم بناء عُمان بسلاح العلم والمعرفة والخبرة التي وصلوا إليها برعاية الوطن لهم في إعدادهم وتعليمهم بأرقى الجامعات داخل وخارج السلطنة وفي مختلف المجالات.

أجاب جلالة السلطان بأن أبناء الوطن هم سواعده الفتية التي نعول عليها الكثير من أجل رفعة وطنهم والذود عنه، وأن وتيرة التنمية ستمضي رغم الظروف وأن عُمان- بإذن الله- ستتجاوز كل الصعاب، وأن عُمان لم تقدم سوى سبل الخير والسلام للعالم أجمع، وستكون بخير بنواياها الطيبة وسترسو سفينتها في شواطئ النجاح والفلاح والتقدم والازدهار، وستكون دولة عصرية ذات اقتصاد يُشار إليه بالبنان، ولقد أوليت اهتمامًا كبيرًا بالشباب، أتمنى من خلاله تحقيق أمنياتهم وتطلعاتهم في القريب العاجل بإذن الله وأن تحل كل قضاياهم.

وعن الخطط الطموحة التي تراود سلطان البلاد تحدث جلالته قائلا: الآمال والأحلام والأمنيات كبيرة لهذا الوطن، والذي أكن شخصيًا المحبة الخالصة لأهله الذين ولله الحمد بلغت شهرتهم الآفاق في الخُلق الكريم والتسامح وتجلت بما نسمعه عن عُمان من كل زائر ومحب لهذا الوطن المعطاء بكرم أهله ونقاء سريرتهم.

وعن أهم شيء يراود جلالة السلطان ويتمنى أن يحققه في ظل نهضة متجددة وشامخة البنيان، قال جلالته: أتمنى أن يتحقق كل ما نصبوا إليه لهذا الوطن من تقدم وازدهار وأن أرى عُمان دولة عصرية متقدمة ومحورًا مهمًا في العالم أجمع للاقتصاد والسلام، وأن تؤدي دورًا في خدمة البشرية من خلال نجاحها فيما تزخر به من مقومات وموقع وثروات وصناعات سوف تكون مصدرًا للدخل من خلال الخطط الطموحة التي رسمناها وأوليناها اهتماما خاصًا ونسأل الله العلي القدير التوفيق في تحقيقها.

وعند سؤالي له عن الصحافة العمانية وأهميتها في دعم جوانب التنمية وتعزيز الجهود المبذولة، ابتسم جلالته وقال لي: أنت خير شاهد على دور الصحافة العمانية وحرية الرأي الصالح السليم الذي يساهم في خدمة الوطن ورقيه.

في تلك اللحظة استيقظت من حُلمي، فرحًا بذلك اللقاء وأمنيات الخير التي ذكرها جلالة السلطان- حفظه الله- في رؤيا المنام، لصالح الوطن والتي علمت من خلالها أن جلالته يولي اهتمامها خاصًا لجميع قضايا وطنه ويسهر على راحة أبناء شعبه وبأن الخير قادم ولكن يحتاج إلى جهد ووقت، وأن إصلاح مختلف الأمور بات وشيكًا في جميع مؤسسات الدولة، وأن بشائر السُعد قادمة، وأن هذا الإصلاح سيحرّك عجلة التنمية في شتى مناحي الحياة؛ ليجد أبناء الوطن ما يعينهم من وظائف وأعمال خاصة، وليرتفع بإذن الله دخل الفرد من خلال دوران عجلة الاقتصاد واستثمار إمكانيات وموارد الدولة لراحة المواطن وعيشه الكريم.

صحوت من نومي وحلمي الجميل ما زال بين عيني صوره التي تمنيتُ أن تكون حقيقيةً على أرض واقع الحياة، ولتُشرق على وجهي في هذا اليوم العزيز شمس الوطن، وأرى مع إشراقتها حركة الحياة العامرة بالخير في ربوع بلادي منذ خيوط الصباح الأولى، فكُل متجه إلى عمله ومؤسسته مع قهقهات طلاب المدارس وحديثهم الباسم مع بعضهم وهم ينتظرون حافلة المدرسة في ثوب جميل.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها، وزانها رفعةً ومجدًا وخيرًا مع أيام الشهر الفضيل ولياليه، ووفق الله سلطان البلاد لكل ما يتمناه لوطنه، وأيده بالحق وأيد به الحق، وأمد في عمره.. إنه نعم المولى ونعم النصير، وكل عام وأنتم بخير.