إسرائيل إلى زوال

مدرين المكتومية

"إسرائيل تحترق"، كان العنوان الأبرز في العديد من وسائل الإعلام حول العالم، والحقيقة أن الاحتراق تحقق معنويًا وماديًا، فالمتظاهرون الغاضبون والرافضون لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي وخاصةً قانون القضاء، أشعلوا النيران على الأرض وعلى المشهد السياسي لهذا الكيان الغاصب المُحتل.

عشرات الآلاف خرجوا إلى الشوارع احتجاجًا وغضبًا من سياسات هذه الحكومة المُحتلة، في تحول مفاجئ وخطير لعلاقة الإسرائيليين بحكومتهم، فلطالما تغنّت إسرائيل بأنَّها الدولة الأكثر استقرارًا في الشرق الأوسط، لكن ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية برهن على أنَّ هذا الكيان المزروع في منطقتنا كنبتة سامّة كريهة، أضعف من أن يتحمل احتجاجات كهذه، فقد أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه "فقد السيطرة على الداخل الإسرائيلي" إثر اندلاع هذه المظاهرات الحاشدة، فأيُ حكومة هذه وأيُ كيان مهترئ وضعيف لا يحتمل خروج عدد من البشر إلى الشوارع للاحتجاج. البعض يزعم- عن جهل- أن هذه المظاهرات تعكس الديمقراطية في هذا الكيان الغاصب، لكن حقيقة الأمر أنَّ هذه المظاهرات تُؤكد انهيار جدار الثقة بين المواطن الإسرائيلي- إذا صحَّ التعبير- وبين حكومته، التي هي في الأساس امتداد لمجموعة من العصابات الصهيونية التي احتلت أرض فلسطين قبل عقود، وما زالت تفكر بعقلية العصابات المُسلحة.

الكثيرون بدأوا يتحدثون عن أنَّ هذه الاحتجاجات دفعت إسرائيل للدخول في نفقٍ سيُؤدي بها حتمًا إلى زوالها، لكن الحقيقة أنَّ هذا الزوال بدأ منذ أول يوم أُعلن فيه قيام هذا الكيان الكريه، فلا يُمكن لأي كيان سرطاني أن يعيش أمد الدهر، لأنَّ إسرائيل كيان وظيفي يُؤدي مهمة أوكلها له الغرب الاستعماري المتعجرف، ليكون هذا الكيان الأداة التي من خلالها يتمكن الغرب من مواصلة زعزعة استقرار الشرق الأوسط وضمان عدم تفوق أيٍ من دوله في أي مجال، علمي أو سياسي أو اقتصادي أو معرفي أو حتى ترفيهي!

التاريخ وسنة الحياة يؤكدان لنا أن "ما بُني على باطل فهو باطل"، وإسرائيل دولة الباطل العظمى في هذا العالم، ولا يخالطني أدنى شك أن نهايتها وزوالها سيكون من داخلها. ويكفي أن نقرأ استشرافات المُفكرين والخبراء في هذا الجانب، وعلى رأسهم الدكتور عبدالوهاب المسيري- رحمه الله- صاحب الموسوعة العبقرية الهائلة "اليهود واليهودية والصهيونية"، والذي توقع انهيار إسرائيل من الداخل، وأن زوال هذا الكيان لن يكون من خلال الحرب، ولكن نتيجة للتفكك الداخلي. فلمن لا يعرف أن هذا الكيان اللقيط يقوم في أساسه على العنصرية، فالمجتمع الإسرائيلي متشرذم إلى طوائف وفئات اجتماعية بالغة التعقيد، بين يهود متطرفين وعلمانيين وأشكناز وسفارديم ويهود الفلاشا وعرب 48 ومسيحيين، وغيرهم. وهذا التشرذم يؤكد حتمية انهيار المجتمع في وقت ما عندما تجد كل طائفة نفسها في موقف الدفاع عن مصالحها، وما حدث خلال الأيام الماضية مثال على ذلك.

وأخيرًا.. إسرائيل ككيان عنصري غاصب للأرض، لن يدوم مهما طالت سنوات بقائه، فالزوال حتمية تؤكدها شواهد التاريخ لهكذا كيانات، ولذلك نؤكد أن حق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة كاملة غير ناقصة، ليس حلمًا بعيد المنال؛ بل هو واقع سيتحقق، مهما طال الأمد.