المسؤولية الاجتماعية للشركات.. التزام أخلاقي وإسهام في تحقيق التنمية المستدامة

...
...
...
...

الرؤية- ريم الحامدية

يرى عددٌ من المسؤولين عن برامج المسؤولية الاجتماعية في بعض الشركات، أنَّ سلطنة عُمان قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال، في ظل ما يتم تنفيذه من برامج اجتماعية متنوعة في مجالات عديدة مثل التعليم والصحة والتدريب والخدمات العامة، الأمر الذي ساهم في تحسين مستوى المعيشة لأفراد المجتمع ودفع عجلة التنمية في مختلف القطاعات.

ولم تقتصر جهود الشركات في برامج المسؤولية الاجتماعية عند هذا الأمر، بل بلورت السلطنة شكلا غير نمطي لهذا المفهوم من خلال المشاركة بين القطاعين العام والخاص، للوقوف على أبرز الاحتياجات المجتمعية وتلبيتها وتذليل كل الصعاب التي يمكن أن تواجه أو تعطل برامج المسؤولية الاجتماعية، كما أن هذه البرامج يمتد أثرها الإيجابي إلى الإسهام في خلق مشاريع اقتصادية توفر فرص عمل للمواطنين، والمساهمة أيضًا في نمو الحركة التجارية والقوة الشرائية.

ويقول الدكتور هلال بن حمد السالمي، باحث وأكاديمي في المسؤولية الاجتماعية، إن الشركات التجارية بأنواعها وأنشطتها المختلفة عليها دور كبير في مجال المسؤولية الاجتماعية وأيضاً فيما يخص توفير الوظائف لأفراد المجتمع الذي تعمل فيه، والحرص على زيادة القيمة المحلية المضافة، ومساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق رفاهية المجتمع.

ويرى ضرورة تحفيز الشركات لتشجيعهم على زيادة برامج المسؤولية الاجتماعية، وذلك من خلال الحوافز المادية والمعنوية كالإعفاء من الضرائب لمن تتجاوز قيمة برامج المسؤولية الاجتماعية لديها 500 ألف ريال عماني، أو توظف عدد كبير من الباحثين عن عمل، أو تساهم في تأسيس شركات صغيرة ومتوسطة في مختلف المحافظات، مع ضرورة أن تتوزع هذه البرامج على مختلف القطاعات وعدم اقتصارها على مشاريع مناطق الامتياز أو العمليات التجارية فقط المصاحبة لها.

ويبين السالمي أن برامج المسؤولية الاجتماعية التي تقوم بها المؤسسات والشركات الكبيرة لها الكثير من الآثار الإيجابية على الاقتصاد الوطني وعلى المجتمع الذي تعمل فيه هذه الشركات، موضحا: "من بين الإيجابيات تعزيز مفهوم ثقافة المسؤولية الأخلاقية للشركات، وتعزيز روح المواطنة بالنسبة للشركات تجاه المجتمع بشكل عام، وتخفيف العبء المالي عن الحكومة في مشاريع يقوم بها القطاع الخاص منفردا أو عبر مشاريع الشراكة الحكومية مع القطاع الخاص والأهلي، وكذلك تنمية القطاعات الاجتماعية والخيرية في المحافظات".

ويعتبر السالمي أن برامج المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص دائما ما تكون ناجحة، لأنه قطاع يعتمد على سياسة الربح، ولذلك سيعمل جاهدا على نجاح البرامج الاجتماعية وضمان كفاءتها واستمراريتها لخدمة أبناء المجتمع، مضيفا: "هناك أهمية كبيرة لمشاريع الشراكة المجتمعية بين القطاعين العام والخاص، لتعزيز نمو مشاريع المسؤولية الاجتماعية ومنها تعزيز مبدأ المكسب لكافة الأطراف ذات العلاقة في أي نوع من أنواع المشاريع ذات الصبغة المجتمعية حتى الاقتصادية منها، والمساعدة في تجسيد الشراكة الحقيقية بين القطاعات في حالة تميز هذه المشاريع، وتعزيز القيمة المضافة، وتفعيل أدوار القطاعات المختلفة في المجتمع بهذه الشراكة ومنها الحكومة والقطاع الخاص وقطاع مؤسسات المجتمع المدني، كما أنه ليس بالضرورة أن تكون هذه المشاريع اجتماعية بحتة وإنما يمكن أن تكون اقتصادية تساعد في تنمية المجتمع بيئيا واجتماعيا واقتصادية، وتعزيز العقد الاجتماعي بين المجتمع وما يحتويه من فاعلية في القطاع الخاص"..

من جانبه، يؤكد محمود الصقري مدير المسؤولية الاجتماعية بمجموعة كميجي رامداس "إشراقة"، أن دور المسؤولية الاجتماعية للشركات هو الإسهام في التنمية المستدامة وهو التزام أخلاقي بتحسين البيئات في المجتمعات من خلال معالجة بعض القضايا، مثل المساهمة الفاعلة في تطوير الخدمات على وجه العموم، خاصة تلك التي تحقق النمو المستدام والتي تنعكس بشكل مباشر على تحسين الأداء في مختلف الأنشطة مثل الخدمات الصحية والتعليمية ومجال الابتكار وتمكين المرأة وخدمة شريحة ذوي الإعاقات المختلفة من الأطفال والبالغين وغيرها من الأنشطة التي تحقق الاستدامة. ويوضح أن أبرز نتائج برامج المسؤولية الاجتماعية تتمثل في تحقيق التنمية المستدامة وصولا إلى أهداف المجتمع واحتياجاته والوقوف على مختلف التحديات، كما أنَّ الأعمال والأنشطة التي تقوم بها الشركات في الأعمال الاجتماعية توصل رسالة تعبر خلالها عن الانتماء للمجتمع والتفاعل الإيجابي معه من خلال استثمار مواردها المالية في برامج المسؤولية الاجتماعية ضمن خطتها واستراتيجيتها السنوية، بما يحقق أفضل النتائج من خلال وضع أنشطة ومبادرات حديثة تلبي تطلعات واحتياجات المجتمع تتصف بالاستدامة بعيدا عن الممارسات التقليدية وتستهدف جميع شرائحه.

ويؤكد الصقري أنَّ العمل المشترك بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص من شأنه خلق تكامل وانسجام لما له من أثر في تحقيق أفضل النتائج والممارسات الناجحة، لاسيما وأن مشاركة وتبادل الخطط والأهداف بين القطاع العام والقطاع الخاص دائمًا ما تأخذ الشكل الأمثل في الوقوف على التحديات والمتطلبات الضرورية والهامة ووضع الأولويات التي يمكن العمل عليها، مشيرا إلى أنه لا يمكن استنتاج الدروس المستفادة ومتابعة النتائج المتحققة من هذه المبادرات إلا من خلال التكامل وتوحيد الرؤى بين جميع الأطراف للتأكد من بلوغ الأهداف والاستفادة الحقيقية من تلك المبادرات.

ويضيف مدير المسؤولية الاجتماعية بمجموعة كميجي رامداس "إشراقة": "بلا شك فإنَّ الشراكات المؤسسية الفاعلة بين مختلف المؤسسات والقطاعات يخدم أهداف برامج المسؤولية الاجتماعية بالدرجة الأولى، كما يسهم في تنويع المجالات وإيجاد أفضل المشاريع المجتمعية وسهولة متابعة تنفيذها".

تعليق عبر الفيس بوك