المعتصم البوسعيدي
تُطلُ ببريقها الذي يلمعُ من فخامةِ اسمها؛ كأسٌ سلطانيةٌ غاليةٌ يركضُ خلفها اثنان وعشرون لاعبًا على بساطٍ أخضرٍ طوالَ 90 دقيقة أو ربما 120 دقيقة قد يعقُبها ترجيحُ كفة، فينالُ فارسها فخر الوسامِ السامي، رغم أننا نعيشُ في عالمٍ رياضي صعب، لكنه المعدن النفيس الذي لا يصدأ، وللناسِ في حُبهِ مذاهب.
كم مرةً عِشنا الحدثُ الرياضي الكبير في تفاصيلِ الأمكنةِ وحيواتِ التاريخ، وكم مرةً نرتوي من كأسِ جلالةِ السلطانِ المُعظم لكُرةِ القدم عذوبةَ المُنافسةِ والتحديات، وها نحنُ اليوم –من جديد- بعد مشوار المحطاتِ المتتالية، بدءًا من محطةِ الاثنين والثلاثين نصِلُ إلى محطةِ النهائي؛ حيث نهضةَ "البريمي ومحضة" تستعد لفرحةٍ أولى، "وصقر" السيب سيدَ عصرهِ وزمانه يرقبُ نجمةً خامسةً لينقض عليها في موسمٍ استثنائي بامتياز.
في "بوشر" وبمعقلِ رياضتنا الأكبر -رغم توالي السنوات- بعُماننا الحبيبة، ناخت قوافلَ "توام" ركابها مُحملةً بالقمحِ المُعبأ من "قلعةِ الخندق وحصن بيت الند" لتُعادِلَ مؤونتها القيمة "بكأسٍ" ذهبية لطالما كانت الحلم المُنتظر، وعلى مقربةٍ منها ترسو سفن "دما" ببضاعتها القيِّمة على نيةِ البيع وشراء أثمن "الكؤوس" التي اعتاد تجارها المخلصون على الظفر بها، وبينهما يقف في "العرصةِ" يحيى البلوشي قاضيا؛ ليحكم بصافرته "مناداة من يزيد" على الآخر، وقد ربِحَ البيع -على أي حال- لكليهما حين يتوجهما -بإذن الله- "بدر الخارجيةِ" عند ختام المشهد الموعود.
نحنُ في المدرجاتِ أو خلف الشاشاتِ نحتاجُ أن نسمع ونشاهد حكاية الكأسِ بشكلٍ مُختلف، نُريدُ عيشَ إحساس يُطعمنا لذةً عالميةً تطبخ من حولنا وحوالينا، نُريدُ الارتواءَ من أوديةِ "الجزي والخوض" ماءً فُراتا، تلك أمانينا المُتكررة، ومنصتنا التي نأملُ منها التغيير والتطوير، وثغرِ البسمةِ المُنسل من وجهِنا الباكي على "اللبنِ المسكوب"، والجماهير تتزاحم لرؤية شعارها المنصوب، فتتغنى به وتتعصب له وتطلق سهام لسانها نحو منافسها "المغلوب"، ولا غالب طالما الرحى تطحنُ على روحٍ رياضيةٍ صلبةٍ -نتعشمها دائمًا- في وعي الإنسان العُماني المحبوب.
ثمة إشراقة في هذه الحياةِ مهما حُلوكةً، وثمَّة سعيٌ دائمٌ للمرءِ في صحراءٍ قاحلةٍ لعلَّهُ يجد الإخضرار، وهُنا رياضة تدور في حلقةٍ فارغةٍ مُستمرةٍ تبحث -تا الله- عن النفاذِ إلى سعةِ المدار، وتلكم سحائب "اليزن" على كفوفِ الدعاء "اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين"، اللهم آمين.