ليس الثرى كالثريا

 

محمد بن سالم البطاشي

أن يدعو عتل زنيم من الصهاينة بكل الوقاحة التي عهدناها في القوم إلى تنحية العلامة الجليل بدر الدين، سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مُفتي عام سلطنة عُمان، عن منصب الإفتاء في عُمان الإباء والعز، فهذا يعني أنَّ آراء الشيخ قد أوجعت الصهيونية العالمية وربيبتها إسرائيل، بعد أن أضحت مواقفه المشرفة تستقطب شريحة كبيرة من المسلمين، مما آثار الهلع في قلوبهم وأقض مضاجعهم وأفقدهم صوابهم، فأقاموا هناك مأتمًا وعويلًا عبر مختلف الوسائل، ذلك أن مواقف الشيخ الداعمة للحق والداعية للسلام على أساس من العدل والمساواة، ومناصرته للمظلومين والمقهورين، والتفاف جمهور المُسلمين وعلماؤهم المخلصين حول هذا الخطاب، قد كشف عن حجم التأثير الهائل للشيخ في أوساط الجمهور الإسلامي عامة وجمهور الشباب خاصة، في ظل التقدم الهائل في وسائل التواصل الاجتماعي، ومدى وسرعة انتشار مواقفه ومواكبتها للأحداث الجارية محليًا وإقليميًا وعالميًا.

وهنا نقول لهذا الصهيوني المتعجرف وأمثاله: لقد خاب ظنك وأخفق مسعاك، فإنَّ في عُمان قيادة مستنيرة تزن الأمور بميزانها الصحيح، ولا تعير أدنى اهتمام لفحيح أمثالكم، وأن مكانة سماحته سامقة بين المسلمين عامة، والعُمانيين خاصة، لا يضيره نباح الكلاب الضالة ولا عواء الذئاب الجائعة، فأين أنت من مقام الشيخ الهمام؟ فدع عنك هذا الهذيان ولا تتعب نفسك وتكلفها فوق طاقتها، فليس الثرى كالثريا لو كنت تعقل، فإنك وكل من معك ومن خلفك يعلمون علم اليقين أن هذا العالم الرباني زاهد في الدنيا -التي هي غاية مبتغاكم وأغلى أمانيكم- فهو عالم جليل قبل أن يكون مفتيًا، ولم يمنعه منصب الإفتاء من إبداء رأي صريح أو يتخذ موقفًا منسجمًا مع تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية المُشرَّفة، في كل القضايا التي تهم الإنسانية جمعاء بصورة عامة، والإسلام والمسلمين على وجه الخصوص.

لقد أتعب سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي من حاول أن يُعدد مناقبه ومواقفه وآراءه الداعمة للقضايا الإنسانية والإسلامية، وكلها مواقف من ابتغى وجه الله تعالى وحده، وتهدف إلى عزة الإسلام والمسلمين والتمسك بالعروة الوثقى والمنافحة عن الحق وأهله ومناصرة المظلومين والمقهورين في كل مكان، والدعوة إلى توحيد صفوف المسلمين في وجه المؤامرات والدسائس التي تحيكها قوى الاستكبار العالمي ومن والاهم، والتصدي لغلاة المستوطنين وحكومتهم العنصرية الفاشية، الذين ينتهكون حرمات المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين المغتصبة ليل نهار وعلى رأسها المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي وكنيسة القيامة وغيرها.

"موتوا بغيظكم".. فإنَّ الشيخ سيظل رمزًا للعزة والكرامة مناصرًا لقضايا الأمة وفي مُقدمتها قضية فلسطين، يصدح بالحق ولا يخشى في الله لومة لائم، لا تتبدل مواقفه ولا تغيرها الأزمان والظروف حتى أصبح اليوم مفتياً للأمة كلها، ولايزال كالعظم تغص به حلوقكم المبحوحة، يدافع بشراسة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقف كالطود الأشم في مواجهة الصهاينة وانتهاكاتهم وتدنيسهم للمسجد الأقصى وباقي المقدسات، لا يضره من ضل سواء السبيل وفرط في شرفه وخان أمانته وباع واشترى وانبطح لكم، فكثرتكم كغثاء السيل، ويبقى الحق ظاهرا عليكم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

لقد ركبت مركبًا وعرًا وبلغت بك الصفاقة مبلغها، ويبدو أنك لا تعرف سماحة الشيخ جيدًا، فله عزيمة في الحق تفل الحديد، وقناته في مقارعة الظالمين لا تلين، وله رأي يستمد نوره من الفتاح العليم، قائم بالحق وصادح به، قد باع الدنيا ومتاعها، بآخرة هي خير وأبقى، مبتغيا وجه الله وحده في كل أقواله وأفعاله، مواقفه راسخة رصينة، لا يهادن في الحق ولا تغره المناصب ولا يزال مبغضاً للمنكر وأهله، داعيا إلى سبيل الحق والمعروف -الذي لا تعرفونه- بالحكمة والموعظة الحسنة، ينغص عليكم أفراحكم، ويصفكم بما تستحقون، مثله في العلماء قليل وعلمه واسع غزير وهو محفوظ بعين العلي القدير.

إنَّنا نعلم مبلغ حقدكم وحنقكم وغيظكم وكرهكم للشيخ العلامة وكل شريف قابض على الحق ببسالة وثبات، الذين يفضحون ممارساتكم الإرهابية، ويكشفون سوءاتكم ومؤامراتكم ودسائسكم الخبيثة، ويشحذون الهمم ويثبتون المرابطين من أجل فلسطين ومقدساتها وترابها ويشدون الهمم والعزائم، لتزداد عزما وثباتا، ونستبشر خيرًا كلما علا صياحكم وكثر نواحكم وعويلكم، لتموتوا بغيظكم وتأكلكم نار حقدكم وبغضكم التي تتوقد في صدوركم، فدولتكم زائلة، وراية الحق في الخافقين مرفرفة، هذا وعد الله في كتابه المبين، ولن يخلف الله وعده.. ولا نامت أعين المنبطحين والخائنين.

تعليق عبر الفيس بوك