أحمد بن موسى البلوشي
قبل عدة سنوات من الآن، لم نكن نسمع كلمة مشهور إلا قليلًا، وكان كل شخص منِّا يحلم بأن يكون في يوم ما مشهورًا، وكانت قائمة المشاهير ضئيلة، وكانت هذه القائمة تتلخص في تخصصات مُعينة يمكن من خلالها أن تحكم على الشخص بأنه مشهور أم لا، إلى أن وصلنا للوقت الذي أصبحت كلمة "مشهور" لا تساوي شيئًا، وليس لها قيمة؛ فأصبحت هذه الكلمة تُتداول بشكل كبير وتطلق على الكثيرين في المجتمعات، وتُطلق على كل شخص لديه مجموعة من المتابعين في وسائل التواصل الاجتماعي فقط.
ولولا هذه الوسائل لما كنَّا سمعنا عنهم خبرًا، ووصلنا لدرجة أن تجد في كل بيت مشهور، وفي كل حي مشهور، وفي كل بقعة من بقاع الأرض مجموعة من المشاهير. فهل أصبح الوصول للشهرة بهذه السهولة؟ أم أن معايير الشهرة اختلفت وتبدلت عما كانت عليه؟
أعتقد أنَّ معايير الشهرة تبدلت عما كانت عليه سابقًا، ففي السابق لتحكم على شخص بأنه مشهور كان لابد أن يقدم شيئًا يخدم الإنسانية، ويستفيد النَّاس منه، ويجعلهم يطلقون عليه كلمة مشهور، وتهتم به وسائل الإعلام المختلفة، أما في الوقت الحاضر فتتطلب منك الشهرة أن يكون لديك جهاز لوحي، ومجموعة من المتابعين وتقدم محتوى أحيانا يمكن أن نطلق عليه أنه سيئ، أو فاضح أو مضحك أو كلام فاضي؛ مع الاحترام للكثيرين منهم الذين يقدمون محتوى مفيدا ومثريا ويستفيد منه المجتمع.
لسنا في خلاف مع هذه الفئة من الناس، بالعكس فالجميع معهم ويساندهم ويشجعهم؛ بشرط ألا يكونوا مصدر قلق في المجتمع، وذي تأثير سلبي، فما نراه اليوم أن أغلبهم مروجين وليسوا مشاهير، فكلمة مشهور لا تُطلق على شخص وظيفته عمل دعاية ونقل للأخبار المغلوطة، ولا لشخص يجعل من نفسه أضحوكة للآخرين، أو يثير الرأي العام لقضايا قد تتسبب في إثارة الفتنة والبلبلة. وللأسف أن أغلبهم ليس لديه محتوى مفيد ومجدٍ؛ فالمحتوى الضعيف الذي نراه من أغلبهم أصبح مصدر إزعاج للكثيرين، وتأثيره على المجتمع والنشء خطير، فكلمة مشهور تطلق على الشخص المعروف للكثير من الناس في المجتمع سواء على المستوى المحلي أو العالمي، وينال اهتمام بالغ من الكثيرين، بشرط أن تكون هذه الشهرة في أحد المجالات المفيدة للحياة مثل الطب والهندسة والفن والرياضة والإعلام وغيرها من المجالات العلمية والأدبية.
باختصار.. يمكننا القول إن الشهرة حاليًا أصبحت وظيفة من خلالها يكسب الشخص رزقه وقوت يومه، ونسأل الله أن يبارك لهم في أرزاقهم، وبالتالي من الصعب أن نطلق على هذه الفئة مشاهير؛ بل هم أشخاص يؤدون وظيفة ويكسبون منها المال. ولكن السؤال الذي يطرحه نفسه هنا ما مدى تأثير ما يقدمه هؤلاء الأشخاص على الآخرين؟ من خلال ما نشاهده اليوم عبر برامج التواصل الاجتماعي المختلفة يتضح للجميع أن التأثير السلبي واضح، لما يقدمه الكثيرون من هذه الفئة بالمجتمع.