أفي الحقيقة شك؟!

 

حمد بن سالم العلوي

لقد ظهرت الحقيقة جلية واضحة، وذلك بفساد الحرية والديمقراطية الغربية، فهاتان البضاعتان الفاسدتان اللتان ظل يسوقهما لنا الغرب- الذي تقوده أمريكا- طوال العقود الماضية، وظل يضلل العالم بكذبه ومكره وخداعه بلا هوادة... هذا الغرب صاحب الفضائل الكثيرة كما يزعم، وهو ينثر الخير العميم على الأمم وبالمجان، ويَطلي هذا الباطل بلون وردي من الحداثة والتمدن العصرنة اللا نبيلة بالطبع!

لكن ما يقوم به هذا الغرب الموتور بالجور والطغيان، إنمّا هو كمٌ فاحشٌ من الرذائل والفساد في الأرض، وليس آخرها محاولة فرض الرذائل اللا أخلاقية، وهي أفعال منافية للدين والفطرة السليمة للبشر، وتحريض الأطفال على اقتراف أفعال منافية للطبيعة والحشمة، وفصل الأطفال عن أسرهم قسرًا في الدول الأوروبية، وخاصة أبناء المهاجرين من العرب والمسلمين لإفسادهم منذ الصغر.

إذن.. لا يُستبعد إن هم انتصروا في الحرب الحالية- لا قدر الله- أن يصدروا قوانين وأنظمة تجبر الناس على العهر والفسوق والرذيلة، وذلك بالقهر وقوة السلاح، إن هم توقفوا اليوم مع الدعاية والترغيب والتحريض القولي.

ومن المؤسف أن هناك أنظمة ضعيفة في الوطن العربي، قد استجابت للكثير من معاصيهم، وطبقتها قسرًا على شعوبها.

لم يتبق شيء من الخبائث لهذا الغرب المنحط لم يقترفه في حق الآخرين، وهو الذي يظهر نفسه على أنه هو منقذ الكون ومسيره- وحاشا لله أن يمنحهم من القوة بقدر جناح ذبابة- وذلك في تغيير نواميس هذا الكون، فالدلائل الربانية تقول إن كل من حارب الله من خلقه ما له من ناصر، وإنما النصر والغَلبة لله وحده، فيرسل على الظالمين من هو أشد منهم قوة وعدلًا، ليجوسوا خلال ديارهم وينكلوا بهم تنكيلًا.

لكن هذا الغرب الفاجر، الذي اعتمد عبر تاريخه الدامي "نظرية الصدمة والرعب" وذلك لاحتواء الشعوب المغدور بها، فقد ألقى على اليابان القنابل النووية لأول مرة في التاريخ؛ فاستسلمت اليابان دون قتالٍ، وذلك بعد الرعب النووي المهول، الذي أحدثوه في نفوس اليابانيين، وهكذا ظلوا يفعلون بالآخرين دون ورعٍ أو خوفٍ، فعندما افتروا على العراق بدعوى امتلاكه سلاح دمار شامل، ظلوا يحاصرونه لعقدٍ من الزمن، ويذلون العراقيين حتى قُتل الملايين منهم، نتيجة الحصار والجوع والمرض، والقصف المرعب، وحتى الملاجئ لم تسلم من التدمير.

وعندما قرروا احتلال العراق بكذبة فجّة، استخدموا اليورانيوم المنضب في حربهم على العراق، فصارت الدبابات العراقية، تطايرت في الهواء وكأنها رزمة من القش، وأمعنوا في تدمير البنية الأساسية، وأعادوا العراق إلى القرون الوسطى، وكذلك فعلوا بأفغانستان، وجربوا فيها كل الأسلحة المحرمة دوليًا.

فهل بعد كل الذي عرفناه كعرب عن انتهاكات الغرب لحقوق الدول في العالمين العربي والإسلامي، وما فعلوه في أفريقيا وشرق آسيا، أما زلنا نرجو خيرًا أو عدلًا من هذا الغرب الظالم؟!

لقد نهبوا الثروات الأفريقية من الألماس والذهب والنفط وكل شيء ثمين، واستعبدوا الشعوب الأفريقية وأذلوهم، وتركوهم مرتعًا للأمراض والفقر، وجربوا فيهم الأسلحة البيولوجية، وحتى إنهم جربوا فيهم الأسلحة النووية- كما فعل الفرنسيون ذلك في الشعب الجزائري- وربما غيرهم من الشعوب الأخرى.

لقد آن الأوان لكي نحزم أمرنا ونعتمد على أنفسنا، وعلى إخواننا من المسلمين كباكستان وإيران وتركيا، وأن نجعل التجارة في المواد الغذائية على أقل تقدير مع هذه الدول، والدول الأفريقية والآسيوية، وكذلك بالنسبة للعلاج والدواء وسوف نضمن أسعارًا معقولة ومواد غير ملوثة أو مغشوشة.

وإذ تأكد فشلنا في توحيد قوانا السياسية والعسكرية، وذلك عبر العقود؛ بل القرون الماضية، وذلك بفعل فاعل من هذا الغرب الجائر، فلماذا لا نجرب التعاون التجاري والزراعي بين الدول العربية؟! فلعلها تنجح كفكرة إذا استبعدنا السياسة والسياسيين من ثناياها، وسوف نأكل لقمة طيبة من صنع أيدينا.. اللَّهُمَّ اجعل رُشدنا في أيدينا، وألهمنا التوفيق والسداد يا ربّ العالمين.