كرة الثلج

 

سعيدة بنت أحمد البرعمية

بعد الأيام القليلة الماضية من الثوران الأرضي في سوريا وتركيا التي لم تتجاوز الدقيقة والنصف بحسب بعض المصادر، ووسط انهماك البشر وصدمتهم بحجم الكارثة، تواردت الأنباء المتواترة لترفع الستار عن غزو فضائي للأرض وكأنها تُمهّد لأمر قادم!

المصادر الأمريكية والصينية والكندية المخبرة عن الأطباق الفضائية الطائرة (UFO) التي شُوهدت أو رصدت في سماء بلدانهم، لم تكن مقنعة ولم تحمل من الشفافية ما يجعل متلقي الخبر يستوعب الأمر، في حين لم تظهر أنباء مشابهة في بلدان أخرى؛ ممّا يثير التشكيك وتدني مستوى المصداقية ويرجح وجود أمر خلف الكواليس على وشك الاستواء.

إنْ كان هناك ربط للأحداث عبر السلّم التاريخي، يمكن ربط ما يحدث الآن بما قرأنا عنه فيما يخص حادثة روزويل، التي وقعت في الثامن من يوليو عام 1947 وتناولتها الصحف على أنها سقوط صحن فضائي في قرية روزويل، حيث أشار سكان القرية للصحافة إلى أن الصحن يحمل مخلوقات غريبة تشبه البشر، تمكن حينها الجيش الأمريكي من السيطرة على المركبة وأخذها دون الإفصاح عمّا فيها أو عن السبيل الذي آلت إليه، واكتفى بالتصريح بأنها بالون طقس تقليدي.

لا شك أننا نخطو بخطى ذهبية بثبات على لوحة الكيبورد، مدركين أن عصرنا أوفر العصور حظا، بسبب التكنولوجيا المترامية بين أيدينا على اختلافها وائتلافها وازدياد شغفنا بها وتعلّق الأجيال بها؛ لكننا ننظر لها على أنها اللعنة المنكبّة علينا؛ فأكثرنا الحذر منها والخوف من الخوض في أعماقها واكتفينا بالجلوس على حوافها، وآمنا بما زرعه الغرب عنها في أذهاننا وما تسببه للأطفال من الأمراض والانحراف الأخلاقي والتربوي، واجتهدنا كثيرًا في كتابة المحاضرات والمقالات كي نبعد عنها أجيالنا، دون أن ندرك أن فكرة إبعاد الأجيال عن التكنلوجيا تعتبر بمثابة الحكم عليهم بالأمية، التي كنا نحاول محوها ومعالجتها عن طريق تعليم القراءة والكتابة؛ لذلك لم نسمع يوماً عن عربي قام بهكر عالمي لتطبيقات الإنترنت؛ بينما سمعنا منذ سنتين تقريبًا عن طفل صيني بعمر 13 سنة يمارس القرصنة الإلكترونية على عدة تطبيقات ويملك وحده السيطرة عليها لساعات متوالية!

نحن نجيد الخوف لا أكثر؛ فكلمة مخاطر استطاعت أن تنسينا دعوة ديننا بتعلّم اللغات وأنّ في ديننا ما يسمى بـ"القياس" فلم لا نقيس الأمر بتعلّم اللغات بالمعرفة التكنولوجية والبحث فيها والوصول إلى خفاياها وما يمكن أن يؤمن لنا ولبلداننا القوة والرفعة عن طريقها؛ فنواكب معرفتهم وننافسهم فيها.

برع الغرب في استخدام التكنولوجيا ونجحوا في زرع مخاطرها في عقولنا؛ كالجندي الغازي الذي يرزع الألغام حول الأرض المسلوبة كي يحمي نفسه.

المشكلة التي نعاني منها هي الإيمان المطلق فيما يدّعي الغرب والتسليم بما يزعمون دون البحث في مصداقيته، هل سألنا أنفسنا يوما لماذا الغرب يستخدم التكنولوجيا بكثرة؟ إن كان لها مخاطر، لماذا أطفالهم يبدعون فيها بينما أطفالنا يقتصر استخدامهم لها على الألعاب الإلكترونية وبعض التطبيقات!

هم لا يخشون على التكنولوجيا منا نحن الكبار؛لأننا بالتأكيد لن نصل منها إلى ما يبتعد عن حاجتنا اليومية؛ إنما يخشون عليها من الأجيال الجديدة أن يحدثوا فيها ما يقلبها عليهم رأسا على عقب؛ لذلك نجحوا في زرع الألغام حولها؛ فسكننا كرة الثلج بدلا من الكرة الأرضية.

أخشى أن تكون العبارة التي رددناها كثيرا "العالم قرية واحدة" سياسة متبعة لجعل العالم دولة واحدة بقوة واحدة ومحرك بحث واحد، يحكمها تكنلوجيون محترفون خلف أكذوبة "الغزو الفضائي".

ينشر الغرب لدينا مخاطر الإنترنت ويسوقونها عبر المناهج الدراسية والصحف وبرامج التواصل؛ لكنهم في المقابل أكثر البشر التصاقا بها وأكثرهم خبرة فيها وإلماما بخفاياها، وهاهم اليوم  يرمون بعض الأفكار حول تواصل الفضائيين مع الناس.

سؤال: ما المخاطر التي أصابت العالم الغربي بحكم أنهم الأكثر التصاقًا بها طيلة السنوات الماضية وحتى الآن؟

لا شك أنها لا توجد أو ضئيلة مقارنة بالفوائد، بدليل ما يحدث الآن!

جميعنا ندرك فضل التكنولوجيا في اكتشاف العالم الخارجي؛ فوصل الإنسان الغربي للقمر وبعض الكواكب، وواصل شغفه بمعرفته إلى أن استطاع رصد وتصوير الثقوب السوداء بحسب بعض الصور والتقارير؛ لكنه لم يثبت يوما وجود حياة خارج كوكب الأرض؛ فمن أين يأتي الفضائيون في 2023 تحديدا، بعد سلسلة من الأحداث الغريبة منذ 2020.

"المنطقة 51" إحدى المناطق المحظورة في أمريكا، محاطة بالكثير من الغموض والسرية، ويقال إنها في وقت مضى لم تكن موجودة على "خرائط جوجل"؛ وبالرغم من وجود مناطق محظورة مشابهة في بعض الدول مثل روسيا والصين، إلّا أنها تظل وحدها على درجة عالية من السرية والحظر؛ وذلك بإحاطتها بلوحات تحذر من عقوبة الاقتراب منها بالغرامات المالية حسب قرب المسافة، وإطلاق النار في حالة التمادي في الاقتراب منها.

بعد حادثة روزويل ازداد الغموض حولها، وهناك من يزعم وجود كائنات فضائية فيها هبطوا إليها عن طريق المركبات الفضائية، من المرجح أنها أخبار مفتعلة لترويض الفكر بوجود فضائيين في المنطقة 51 يمارسون التكنولوجيا، كما آمنّا سابقًا بمخاطر التكنولوجيا وبقينا كما نحن جسيمات بيضاء في كرة الثلج تتحرك كلما هزّها أحدهم.