الحب ثم الحب

 

مدرين المكتومية

 

لا أجدُ شعورًا مليئًا بالدفء والحنان والهدوء النفسي سوى الحُب؛ لأنه الشعور الإنساني الوحيد الذي يُمكن لأي امرئٍ أن يشعر به مهما كانت ظروفه أو مُعاناته، فالحب هو ذلك التيار الكهربائي الذي يسري في عروقنا ليصل إلى القلب، فيصدر نبضات متسارعة لكنها رقيقة، والحب هو الذي يُفرز هرمونات السعادة، فيساعدنا على التنفس بأريحية والشعور براحة البال والطمأنينة، وفي يوم الحب العالمي، علينا أن نُعلي من قيمة الحب، ليس فقط الحب بين الزوجين، أو العاشقين؛ بل الحب بكل صنوفه، حب الوالدين، وحب الإخوة، وحب الأبناء، وحب العمل، وحب الحياة، وفوق كل ذلك حب الأوطان.

الحبُ ليس مجرد لمسة يد حانية، أو قبلة على جبين الحبيب، ولا عناقًا بعد طول غياب، الحُب هو الاهتمام والرعاية والعناية، الحب هو الحرص على إسعاد الآخر، الحب هو الرغبة الأكيدة في البقاء مع الحبيب مهما طال الزمن، الحب هو الحياة!

إنها الحياة بكل تجلياتها ومعانيها، إنها ذلك الأمل الدائم والمكان الذي نذهب إليه عندما تخوننا خطواتنا، إنها الرحلة التي لا تتوقف والعمر الذي لا ينتهي، إن فائض الحب من شأنه أن يشعرنا بالسعادة، وأن يكسوا عوالمنا بكل ماهو جميل، الحب هو أن تكون أنيقاً في كل شيء، أن تحترم كل مساحات الآخرين، وتحترم معها مساحتك الخاصة، أن تكون قادرا على أن تقدم كل شيء بحب وأن تتبادل الأشياء أيضا بحب.

قد لا يؤيد البعض الاحتفال بـ"عيد الحب"، لكنه في المقابل قد يكون فرصة سانحة لقول كلمة جميلة لأحدهم، أو الاعتذار عن موقف ما، وربما فرصة لتجديد العلاقات بين البشر على اختلاف طبيعتها، ففي كثير من الأحيان نحن بحاجة للمناسبات العلنية التي يمكن من خلالها إرسال كل ما عجزنا عن إيصاله من كلمات ومشاعر، وهي أيضا فرصة لبدء محادثات كنَّا نظن أنها انتهت، وعلاقات مهددة بالتلاشي، ولحظات قد بقيت بالذاكرة، إننا نجدد ذاكرتنا بهذه المناسبة، نصل لمن عجزنا عن الوصول له، ونقدم كل ما نعيشه من مشاعر لكل من نحب، إنها فرصة فعلية لقول كل ما بداخلنا.

لا أتحدث عن الحب بنظرة ضيقة، بقدر ما أتحدث عنه من منظور أوسع وأشمل، وبمفاهيمه التي تتجاوز الرجل والمرأة والعشق، إنني أتحدث عن الحب كجزء لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليومية ومشاعرنا التي لا تنفصل عنّا، كجزء لا يتجزأ من معاملاتنا مع الآخر، فكل ما يُقدَّم بحب، يعود إلينا بنفس الحب المقدم.. وهكذا، فإن المشاعر أيضًا تبادلية، في العمل، في السوق، في كل مكان، إننا نقدم كل شيء بما نحن عليه، فالكم الذي تعيشه مع نفسك بحب، تجد الآخر يقدمه لك بنفس الطريقة، فالمسألة تتعلق بدواخل الشخص وطريقة تعامله.

إنني أوجه نداءً خاصًا لكل من يقرأ كلماتي، أن نستغل هذه المناسبات السعيدة وغيرها، لنقول لكل شخص في حياتنا "شكرًا" أو "آسف" أو "بحبك" أو "سامحني" أو أي كلمة تُحيي العلاقة الإنسانية الطيبة. حبوا أنفسكم وحبوا الآخرين، فما من نهر فيّاض بالعطاء أكثر من الحب، وما من عين منهمرة بالماء العذب سوى نبع الحب، بالحب نعيش ونسعد، وبالحب نحقق أحلامنا وتطلعاتنا..

الأكثر قراءة