أيام شامية

نحن مسؤولون عن مواقفنا

 

 

أمينة أحمد **

العائلات العربية عمومًا والشامية خصوصًا كلًا منهم يعتد بكبير العائلة أو العشيرة أو القبيلة.. ويطلق عليه "كبير العيلة" ولو وسعنا نطاق ذلك لوجدنا في الحارات الشامية كبير الحي والذي يدعى بالشامي "الزعيم" وهو صاحب الكلمة الفَصْل في شؤون الحارة وهو صاحب المال الكثير في أحيانٍ كثيرةٍ، كما هو الحكيم في حل المشكلات ويجب أن يتحمّل مسؤوليتها كاملة.

يحتكر زعيم الحارة السّلطة والثروة في العادة، ويمنّ على مَن يشاء بالمساعدات المختلفة، خصوصًا الطعام والشراب، وربّما أغدقَ على المحظوظين المال لتغطية تكاليف الزواج.

والزعيم أيضًا مسؤول عن توزيع مهام الحي الإنسانية والخدمية ويراقب أمور الناس في الحي عن كثب.. ويبقى الاحترام والالتزام بالأخلاق الحميدة والعادات والتقاليد السائدة والرائدة التي تخدم البلاد والعباد أساس المسؤولية لكل قاطن في ذلك الحي... ربما كل ما سبق يقع تحت ما سمى في عصرنا الحالي المسؤولية المجتمعية.

واليوم نقف أمام مسؤولياتنا الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية كلا منا حسب دوره في الأسرة وموقعه ومكان وطبيعة عمله لنبلور مفهوم المسؤولية المجتمعة التي وجدنا عليها أجدادنا وأباءنا من سالف العصر والزمان والتي تتضمن ما نعرف من واجبات علينا اتجاه العائلة والحي والمجتمع وصولا للوطن ذلك الوطن العزيز الغالي الذي يتطلب منا تضافر وتكافل في الجهود والعمل المثمر ولنصل لما نحلم به ونطمح إليه.

وهنا نقف عند عبارة المسؤولية المجتمعية والتي تأطرت ضمن ما تقدمه الشركات والمؤسسات والمنظمات من خدمات مجتمعية؛ حيث يمكن لأنشطة المسؤولية الاجتماعية المساهمة بفتح قنوات تفاعل وتواصل أفضل مع الجمهور والعملاء والمستهلكين، وبخاصةٍ أن التفاعل مع الجمهور من منطلق المبادئ الاجتماعية وحول القضايا تهم الجمهور فعلًا، تعزز من قيمة هذا التفاعل وتجعله أكثر قيمة في نظرهم.

وتتمثل هذه المسؤولية من خلال ترميم حديقة مثلًا .. أو رعاية حفل للأيتام.. أو إقامة ماراثون جري تحت شعار لرعاية الصحة.. أو تقديم الدعم لمرضى السرطان.. وما إلى ذلك من أعمال خيرية تتطلب رعاية مالية وحضورا إنسانيا تفاعليا في محافل خاصة وعامة وعلى مرأى من وسائل الإعلام.

كل هذا يبدو جميلا ومفيدا لكن الأهم من ذلك أن يعرف كل فرد منا بأنه مطالب بالمسؤولية المجتمعية الفردية بكل مجالاتها منها الأخلاقية التي تظهر بتصرفاتنا وسلوكياتنا اليومية مع الآخرين كضبط النفس عند الغضب وإفشاء السلام والرحمة للكبار والعطف على الصغار والإحسان إلى الجار وترك القيل والقال التي تفشي سوء الخلق بين الناس.. ومنها المسؤولية الاقتصادية التي تتبلور بعدم هدر الماء والكهرباء والاكتفاء بشراء ما يلزم من طعام وشراب والعمل على إعادة التدوير قدر المستطاع.. ومنها المسؤولية الاجتماعية وتبدو جلية من خلال الأعمال التطوعية كالحفاظ على نظافة الحي والشارع أو المدرسة والحديقة والبيئة بشكلٍ عام نابعًا من الذات لا خوفًا من غرامةٍ مالية، أو مخالفة مسلكية، وربما من خلال الانخراط بأحد الجمعيات الخيرية أو الفرق التطوعية التي تقدم الوقت والجهد الغير مأجورين لصالح المجتمع.. وقد تتبلور المسؤولية المجتمعية من خلال نشر العلم الذي نحظى به لمن يهمه الأمر عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي مجانا، وما أكثر الأمثلة على ذلك في حياتنا.

ولو فنّدنا أعمالنا اليومية لوجدناها مليئة بكنوز من المسؤولية المجتمعية الفردية والتي قد تبدو صغيرة لنا لكن مع استمراريتها ستكون ركيزة للنهوض بمجتمع سليم معافى وستكون بمثابة مخزون من الرضا عن النفس.

ولنحقق النفع الأكبر من المسؤولية المجتمعية الفردية وللسعي لتحقيق أهدافها على الفرد والمجتمع علينا أن ننطلق من الفرد الواحد لفريق متكاتف متحاب متعاون ولنتذكر دوما اليد الواحدة لا تصفق.

** كاتبة سورية

تعليق عبر الفيس بوك