منطقة الظاهرة الاقتصادية

خلفان الطوقي

وقعت سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية من خلال ممثليهما وزارة المالية العمانية والصندوق السعودي للتنمية على مذكرة تفاهم لإنشاء المرحلة الأولى من البنية الأساسية لمنطقة الظاهرة الاقتصادية المتكاملة والتي تصل كلفتها بنحو 122 مليون ريال عُماني، وهذا المبلغ ما هو إلا للمرحلة الأولى فقط.

المشروع سيكون من المشاريع الاستراتيجية النوعية، وسوف يشكل نقطة فارقة في العلاقات الاقتصادية الخليجية عامة، والعلاقات العمانية السعودية على وجه الخصوص، وسوف تقفز بهذه العلاقات الاقتصادية إلى مستوى عالٍ يخدم البلدين والشعبين، فبالرغم من وجود تعاون اقتصادي ونموه خلال السنوات الماضية، إلا أن هذا المشروع الحيوي سيفتح آفاقا استثمارية أرحب بين البلدين من ناحية، ومع بقية دول الخليج من ناحية أخرى، ويمكن توضيح ذلك من خلال النقاط التالية:

- التبادل التجاري: بالرغم من نمو الصادرات والواردات فيما بين البلدين، إلا أنَّ هذه المنطقة الاستراتيجية الواقعة بين حدود البلدين سوف تعظم التجارة والاستثمار فيما بين السعودية وعمان.

- المزايا النسبية: كلا البلدين والشعبين والقطاعات التجارية سوف يستفيدون من هذا المشروع، فعُمان سوف تستفيد من قربها من سوق ضخم به تعداد سكني يقترب من 36 مليون نسمة من مواطنين ومقيمين، إضافة إلى عدد زوارها الذين هم بالملايين من البشر، وفي ذات الوقت استفادة المصانع والمنتجات السعودية من السوق العماني، وأيضا من قرب محافظة الظاهرة العمانية من أسواق الإمارات العربية المتحدة، أضف إلى ذلك استفادتها من المواني العمانية في التصدير للأسواق الآسيوية والأفريقية، ومن بعض الاتفاقيات التجارية العمانية مع غيرها من الدول في الإعفاء الضريبي كالولايات المتحدة الأمريكية.

- التكامل اللوجستي: لا يكفي أن يكون هناك طريق بري مُباشر بين عمان والسعودية ما لم تكن هناك حركة تجارية تتناسب مع كلفة هذا الخط، فجدوى هذا الخط البري المباشر يكون بناءً على حجم التبادل التجاري، وحركة المسافرين فيما بين البلدين، أضف إلى ذلك المشروع الخليجي للقطارات الذي يربط دول الخليج ببعضها البعض، والذي سوف يكون له جدوى تجارية من خلال وجود مناطق حرة ومناطق صناعية فيما بين حدود دول الخليج وقربية من مسار القطارات.

- المواصفات والمقاييس: بوجود استثمارات سعودية عمانية في المنطقة الاقتصادية المتكاملة سوف تزول كثير من التحديات التي تواجه المستثمرين من البلدين فيما يخص المواصفات والمقاييس، وربما ستعم هذه الفائدة لبقية المنتجات العمانية السعودية، وفي تعاون أفضل وأعمق بين وحدات المواصفات والمعايير الحكومية فيما بين البلدين.

- مبادرات مستقبلية: بنجاح هذه المبادرة الاستراتيجية، فمن المؤكد سوف تتشجع بقية دول الخليج لإنشاء مناطق اقتصادية مشتركة، كما أن هذه المنطقة وإن كانت استثمارا حكوميا عمانيا سعوديا، لكنه سوف يستفطب القطاع الخاص الخليجي والعربي والعالمي، فمن المعلوم أن توفير الأرضية المناسبة للاستثمار هي مهمة الحكومات، ولكن الأدوار الباقية فهي بيد القطاع الخاص الباحث عن الفرص الاستثمارية أينما توفرت. البعد الأمني: وجود منفذ بري بعيدا عن المنفذ البحري (مضيق هرمز) يشكل ميزة غاية في الأهمية لكلا المنتجات السعودية والعمانية من خلال الاستفادة من ميناء الدقم الواقع في البحار المفتوحة البعيدة عن التجاذبات السياسية والعسكرية.

نتائج مباشرة: سوف يكون لهذا المشروع نتائج مباشرة كالتوظيف المباشر ومشاريع البناء والتشييد للمؤسسات الكبيرة المتعطشة للمشاريع العملاقة، والتي ستجر معها تلقائياً المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم الخدمات المساندة، أضف إلى ذلك أنَّ هذا المشروع سوف يخدم الأهداف الوطنية كتنمية المحافظات، وسياسة اللامركزية، وزيادة المنتجات ذات المحتوى المحلي.

ونظرًا للأهمية القصوى لهكذا مشاريع خليجية استراتيجية، ندعو كل القائمين على هذا المشروع من الجانبين العماني والسعودي لتحويل مذكرة التفاهم والتعاون إلى مشروع ملموس، يلبي تطلعات الجميع.