مدرين المكتومية
عندما تختار ريم ترك قريتها الصغيرة والقدوم إلى مسقط من أجل العمل وجني ثمار النجاح، وتُقرر مريم البدء في تجربة مهنية تطوِّر من قدراتها وتصقل خبراتها، وتسعى سارة جاهدة لأن تمضي بخطى واثقة نحو التَّميز المهني، ويرغب فيصل في أن يصعد سُلم الارتقاء الوظيفي، ويقف أسعد أمام المرآة ليُفكر في نفسه بعد 10 سنوات، فإننا أمام كوكبة من الشباب الذين وضعوا لأنفسهم خطًا مستقيمًا للسير عليه والوصول إلى أهدافهم، وسعوا لأن يُنظِّموا حياتهم من أجل تحقيق تطلعاتهم وأحلامهم المشروعة في مستقبل أكثر إشراقًا وبهاءً.
الواقع يشير إلى أنَّ ريم ومريم وسارة وفيصل وأسعد، وغيرهم، نماذج مُضيئة في سماء هذا الوطن، يعيشون بيننا مُحمّلين بالأحلام والآمال، لأنهم "ثروة الأمم" كما وصفهم حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه، وهم وقود التنمية، وقادة المُستقبل.
ما دفعني للكتابة في هذا الجانب، وحرصي على مخاطبة زملائي في العمل، تلك الأحلام والتطلعات التي أراها في عيونهم كل صباح، وتلك التحديات التي قد تُحبط البعض أو تُثنيه عن مُواصلة الدرب، لذلك أقول لهم ولغيرهم، واصلوا مسيرتكم بلا كلل أو ملل، فطريق النجاح طويل ومليء بالأشواك والعقبات، لكن في كل مرة تجتازون فيها عقبة أو تتفادون فيها منعطفًا، تزدادون قوة وصمودًا في وجه مصاعب الحياة وتقلباتها، واعلموا جيدًا أنكم ملك لأنفسكم، أنتم من تقررون البقاء في أماكنكم وأنتم من تقررون مُغادرتها، أنتم من تقررون ما ستكونون عليه بعد 10 سنوات، وأين تسير بكم الحياة، لا تجعلوا حياتكم متقوقعة وهناك من يرسم لكم الطريق، قد لا يكون يشبهكم ولا يتناسب مع إيقاع الحياة القادم.
صديقاتي وأصدقائي.. النجاح يحتاج إلى مجموعة من العوامل وأسلوب حياة مُعين ليتحقق ولا يأتي بالصدفة، وإن حدث فالأمر لا يعدو مجرد استثناء، لكن القاعدة الأساسية هي الكيفية التي تبني فيها النجاح؟ وهذه الكيفية تعتمد بالدرجة الأولى على تمردكم على قيود ذواتكم، تمردكم على كل العقبات والتحديات التي تقف عائقا أمامكم، ومن ثم تأتي بالعمل على تغذيتها.
تلك التغذية تبدأ من البحث عن إجابة لسؤال واحد، ماذا نريد أن نكون لنشعر أننا تحققنا؟ بالطبع الإنسان مهما فعل ومهما قدَّم يظل دائمًا يبحث عن شيء لا يعرفه، لأننا باختصار وإن صح القول نحن نبحث عن أنفسنا وعن تحقيق ذواتنا!
ولأن الإنسان يعيش حياته بمراحل، قد يندم على مرحلة ما، وقد يحلم بمرحله أخرى، ولكي يكون راضيا كل الرضا عن ما هو عليه، أو ما يريد أن يكون عليه، يجب أن يغذي عقله بكل مفردات النجاح، أن يسعى في سنواته الأولى إلى أن يتعلم الكثير من المهارات، ويخوض غمار التجارب، أن لا يقول لا لفرصة يمكنها أن تخلق منه شخصا جديدا أو أن تضيف لسنواته، سنوات من الخبرة، عليه أن يبحث عن كل مفاهيم العمل والصبر، أن يتعب لينجز، أن يكون سعيدًا بكل إنجاز مهما كان صغيرًا، فالنجاحات الصغيرة تجر معها نجاحات أكبر.
واختتم بالقول إنَّ على كل فرد منَّا أن يؤمن بنفسه قبل كل شيء، وأن يقتنع تمام الاقتناع بأن النجاح ليس ملكًا لأي شخص وإنما ملك من يدفع ثمنه، وعلى الجميع أن يعي أنَّ الحياة مهما كانت صعبة إلا أنه يمكن تجاوز تحدياتها، لأن كلمة "صعبة" ليست سوى شعور، لكننا قادرون على إزاحة الصعاب من طريقنا. فكل شخص منَّا يستطيع أن يتجاوز الصعاب بالرضا وبإيمانه التام بأن هناك شخصًا ما في هذا العالم يحلم بتلك الحياة التي قد لا تعجبك أنت، فالإنسان الناجح والذي يود أن يصنع من حياته شيئًا يُذكر هو الشخص الذي يستطيع أن يعيشها وفق ما يملك ولكن بإدارة صحيحة، وبنوايا صادقة.. فالاجتهاد والمثابرة والإخلاص هي صفات وعوامل النجاح ومواصلة التقدم، فتقيدوا بها واحرصوا على التحلي بها.