معًا لدعم التاجر العُماني

‏راشد بن حميد الراشدي

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، فيَكفَّ اللّهُ بها وجهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ"

وعن رافع بن خديج، قال: قيل: يا رسول الله، أي الكسب أطيب؟ قال: "عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور."

إذا من هنا ننطلق في أهمية التجارة والاشتغال بها وقد كان صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم القدوة في كل أمر .

اليوم نشد الهمة نحو التاجر العُماني والذي اجتهد وثابر نحو إنشاء مشروعه الخاص ليكون دعماً له وأسرته وعونًا وسنداً في دخله الذي يأمل مضاعفته لقضاء دينه وتوفير لقمة العيش الكريمة من كدح يده .

فما دعاني للكتابة اليوم هو ما لاحظته من عدم تكاتف كثير من الناس مع التاجر العُماني الذي جاهد من أجل تكوين نفسه وافتتاح مشروعه وكذلك وجود تكتلات من حوله من العمالة الوافدة لمنافسته في مشروعه بشتى الطرق، ومنها تخفيض الأسعار وتقديم العروض المُؤقتة، خاصة مع نهاية الشهر وإيداع رواتب الموظفين الذين يتسابقون للشراء من مختلف المحلات والتي يأمل ‏المواطن التاجر أن يكون له نصيب منها.

إنَّ ما يواجهه الكثير من التجار العمانيين ‏هو عدم إقبال المواطنين على الشراء من محلاتهم  والذهاب إلى المحلات الكبيرة التي تقدم بعض العروض الترويجية ‏والتي يملكها عادة مستثمر أجنبي علماً بأنَّ ‏بعض المواد أسعارها أرخص مع التاجر العماني، وكذلك لاحظت وبشكل واضح جدًا توجه العمالة الأجنبية للشراء من مراكز تجارية يملكها مستثمرون أجانب. ‏ولقد حدث أمامي موقفان؛ أحدهما في السلطنة والآخر في دولة خليجية أخرى، ألا وهو حرص الأجنبي على الشراء من مطاعم ومراكز تجارية لمستثمرين أجانب من نفس جنسيته؛ حيث مررت بتجربتين في هذا الشأن لأحد المطاعم المملوكة ‏ ‏لمستثمر أجنبي، ووجدت معظم من يأكل فيه من الأجانب والمطعم يقدم وجبات عربية، وبسؤالي لأحد الإخوة العاملين فيه من الجنسية العربية ذكر لي أنَّ المستثمر اشترى هذا المكان ‏من مستثمر عربي، ولم يكن على هذا المطعم إقبال كبير، ولكن بعد شراء المستثمر الأجنبي لهذا المكان ازدحم المكان برواده من الزبائن من نفس جنسية المستثمر، وأكد لي أن المستثمر ‏يمتلك عدة مطاعم أخرى.

مررت كذلك بنفس ‏التجربة في إحدى الدول الخليجية، كما يلاحظ الجميع مدى حرص العمال الأجانب على الشراء من المحلات الكبرى التابعة لمستثمرين أجانب.

إن ما شدني وطبع غيرةً في قلبي هو: لماذا لا يُقبل المواطن على مساندة المشاريع الوطنية بينما يحرص الأجنبي على التعامل مع المراكز والمطاعم الأجنبية؟!

اليوم انتشرت وبحمد الله الكثير من المشاريع العُمانية الخالصة كالمحلات بمختلف أنشطتها والمطاعم وغيرها من المشاريع ‏الصغيرة والمتوسطة وكذلك بعض المشاريع البسيطة المنتشرة على الطرقات التي تبيع المنتجات الزراعية والسمكية والعربات التي تقدم بعض المشروبات والمأكولات ‏الساخنة والباردة والتي تستحق المساندة والوقوف ‏معهم عبر شراء ما يعرضه هؤلاء التجار والذين يقدمون كل ما يحتاجه المتسوق.

إن دعم ‏التاجر العماني واجب علينا بما له من مردود على أبناء الوطن وكذلك على الاقتصاد لأن ‏‏فوائده ستكون داخل ‏الوطن لا خارجه؛ حيث نأمل من الجميع التكاتف مع إخوانهم من التجار الذين يواجهون منافسة دائمة من المستثمر الأجنبي.

فمن خلال تجربة مروية لي من إحدى الدول في شرق آسيا حول دخول عمالة ‏أجنبية إلى دولتهم وإمساكها بزمام التجارة بشكل كبير كمستثمرين وفشل الكثير من مشاريع المواطنين مما دعا الحكومة والمواطنين في تلك الدولة إلى القيام بحملة كبيرة لدعم التاجر المواطن، آلت إلى انسحاب المستثمر الأجنبي من السوق وإمساك الزمام بيد المواطن الذي كسب ووجد دخلا جيدا في وطنه عاد ريعه للوطن والمواطن.

‏إننا اليوم نشد على أيديكم رافعين شعار "معاً لدعم التاجر المواطن" بكل المشاريع القائمة التي يديرها ويشرف عليها لعل الله يغير من حال إلى حال ونجد العماني وقد ملك زمام الأمور وتطور دخله واستفاد من تجارته، فلن تبنى الأوطان إلا بسواعد الأبناء؛ فخير الوطن أحق به أبناؤه، فلنلتمس كلنا التاجر العماني في كل قرية أو مدينة من وطننا الغالي العزيز وندعمه بالشراء من محلاته وبذلك سيتحقق النجاح للجميع بتكاتفنا معهم.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها وألبسهم فضائل نعمه وخيراته وجوده وكرمه.. ‏إن الله على كل شيء قدير.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية