تحت عباءة الوهم

 

 

مريم الشكيلية

 

إننا جميعًا مصابون بالشلل إلا تلك الإصبع الإبهام التي تكتب ومن اللسان الذي يلتقط الإشارات السلبية التي تتدحرج والعين التي لا ترى ذاك الضوء المنبعث من ثقوب العتمة... العين التي أصيبت بقصر نظر الواقع أو بعمى الأشياء لا الألوان.

إننا جميعًا بُلينا بعقم التفكير وبداء التشكيك وضبابية الواقع... بعد ثلاثين عامًا من الزحف نحو حدود الأفق المتسع... نتساقط الآن في مستنقع المجهول نجلد بعضنا البعض بسياط الأقلام ونغرس الشك في تربة الضمير.

إنني أتساءل ماذا يريد هذا الكائن؟ إلى ماذا يحدق تحت وميض الأضواء الساطعة؟ لماذا يستنزف كل هذا الوقت في اللاشيء؟ يجلس على دكة الثرثرة العبثية برفاهة قلم... يجوب طرقات برامج التمزق لا التواصل يحسب أنه من أصحاب النصح ومرتديًا ثوب الإصلاح.

إنني أتساءل هل لا نزال نحن كما نحن منذ الصدمة الأولى والوجع الأول والمنعطف الأول؟ هل لا نزال نحتفظ بمسبحة الطهر؟ لماذا نحجب وجه جميلتنا بتلك الوجوه المنقسمة إلى نصفين والمنعكسة على مرآة المتقشف؟

إننا نتنفس تحت الورق بكامل إرادتنا الورقية وإننا نختنق بوشم التواقيع الكتابية وإننا نطفو تحت سطح سراب ونترك الحياة تغرق تحت قاع الحقيقة.

نحن لا ندرك ما يتسرب من بين فراغات أيادينا.. كأننا نغرف الشهد ثم نخرج بخف اليد.. لا نقوى على انتشال أجزائنا من مستنقع الأحلام الراكدة...

نحن نخرج صورنا العابسة واليابسة الممتلئة بالشحوب إلى سطح عالم لا يمد يده إلا بحجم أحلامنا المنهكة ويغرسها في جيوب قلوبنا الفارغة ليسرقنا حتى من أنفسنا وينتزع منا أثوابنا البيضاء وأقلامنا الثابتة كأشجار نخلة ولبان.

تعليق عبر الفيس بوك