كأس الخليج.. دروس وعبر

 

أحمد السلماني

وُلِدَتْ لتبقى

انفض سامر "خليجي 25" وطارت الطيور بأرزاقها، لتنتهي أجمل وأصعب قصة عاشتها منطقتنا، لقد كانت بمثابة تحد حقيقي للإرادة الخليجية في ضمان ديمومة واستمرار هذه البطولة العريقة، وقبل ذلك كانت ترجمة حقيقية للحمة بين الأشقاء، حكومات وشعوب، كيانات عربية أخرى سياسية ورياضية قامت وانهارت حتى في مهدها، وهنا في المنطقة الخليجية تم إغلاق ملف النسخة 25 وافتتح قبل أيام ملف النسخة الـ26 في مدينة الكويت، ألم نقل لكم أنها "ولدت لتبقى".

سامبا الخليج.. القصة التي لم ترو بعد

كعادته ومنذ إطلاق نظام المجموعتين بكأس الخليج، وصل "برازيل الخليج" لمربع الكبار 6 مرات من أصل 9 مرات، ولعب 5 نهائيات، وبات مرشحا أولا لنيل اللقب في كل نسخة، وفي كل مرة يعتبره النقّاد والمحللون والجماهير الفريق الممتع دائما، كما هو الحال في آسيا وتصفيات كأس العالم، وليس أدل على ذلك سوى أن يطلق على نهائي خليجي 25 بأنه "النهائي المجنون" يومها حضرت الإرادة العراقية والطموح العماني ومتعته الكروية فشكرا بحجم السماء لنجوم الأحمر ومدربهم المحنك ومن معه، قمة في الإبداع والإبهار والقتالية وروح الفريق الواحد.

"إعادة ضبط المصنع"

متى يتجاوز منتخبنا والقائمون على الكرة العمانية مرحلة كأس الخليج ويتطلعّون إلى ما هو أبعد من ذلك، وقد أفصح رئيس الاتحاد العماني لكرة القدم في تصريحات نادرة وأعلنها صراحة عندما قال "سنذهب بعيدًا في كأس آسيا وسنصعد إلى كأس العالم"، أتمنى أن لا يكون هذا التصريح مبنياً على زيادة حصة آسيا إلى 8 مقاعد ونصف المقعد، فالآخرون أيضا يعملون! والحقيقة أن العمل كل العمل ينصب على المنتخب الأول أي في القمة، ليس هناك من عمل على مستوى القاعدة ومنتخباتنا في الفئات السنية تحتاج إلى تأسيس حقيقي ومسابقاتها لا تخدم المشروع، الأندية تترنح وأزماتها تتعمّق ودورينا لا ينتج لاعبين بجودة عالية، المدرب برانكو ومنتخبنا وصل لنهائي خليجي 25 وهو مثخن ومثقل بالإصابات لعدم وجود البديل، ومنتخبنا كان بلا أنياب هجومية، وكانت أغلب الحلول من اللاعبين القادمين من الخلف. ولذلك نقول إن كأس العالم "مشروع" يحتاج إلى تخطيط ورسومات وأدوات وصنّاع مهرة غير متطفلين على الكرة باختصار كرة القدم العمانية تحتاج إلى "إعادة ضبط المصنع".

فن إدارة الأزمات

الأحداث التي صاحبت مباراتي الافتتاح والنهائي أفرزت حقيقة مُهمة، وهي أن الأشقاء في العراق اجتهدوا وبذلوا الغالي والنفيس من العرق والجهد والمال من أجل إنجاح البطولة، وعاونهم أشقاؤهم الخليجيون في ذلك، لكن ما زال العراق بحاجة إلى سنوات حتى يتمكن من تنظيم بطولة مجمّعة، وبالتالي فإنَّ المؤسسات العراقية ذات الصلة والاتحاد الخليجي، يتحملان جزءًا كبيرًا من مسؤولية الاعتداء على حق الجماهير العمانية والاستيلاء على حصتها، إلى جانب جزء آخر يتحمله الاتحاد العماني لكرة القدم، الذي تنازل عن حق هذه الجماهير رغمًا عنه؛ إذ إنني أدرك حجم الضغط الهائل الذي عاشه مسؤولو الاتحاد، وضرورة اتخاذ قرار صعب في وقت قياسي. لم تكن هناك من ضمانات أمنية ومع ذلك أُرسلت الجماهير وتوافدت جوًا وبرًا، ولم تجد الإنصاف إرضاءً لبند "إنجاح البطولة".

47 عامًا ونحن نُرضي الجميع ونتنازل، حتى طمع في حقوقنا الآخرون، فمتى يكون لنا موقف يُحسب ويُتحسب له؟!