"الرؤية" والاستدامة البيئية

مدرين المكتومية

منذ ما يزيد عن عقد من الزمان، أطلقت جريدة الرؤية نهج "إعلام المبادرات" الذي استطاعت من خلاله أن تضع بصمتها الخاصة في مسيرة العمل الوطني، الداعم لجهود مؤسسات الدولة في تحقيق الأهداف التنموية الطموحة؛ الأمر الذي حظي بإشادات واسعة من المسؤولين والمواطنين على السواء، وأكد أهمية مواصلة هذا النهج مهما كانت التحديات.

ولعل أبرز ما يُميز هذا النهج القويم، حرص جريدة الرؤية على تفعيل وتعزيز الشراكة مع الحكومة، تنفيذًا للتوجيهات السامية الحكيمة في هذا الصدد، وتأكيدًا على أنَّ مسيرة التنمية المستدامة لن تمضي قدمًا دون تكاتف الجهود. وقبل يومين احتفلنا جميعاً بانطلاق أعمال مؤتمر عُمان للاستدامة البيئية في نسخته الأولى تحت رعاية صاحب السُّمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، وسط حضور دولي لافت تمثل في برنامج الأمم المتحدة للبيئة "يونيب" ونخبة من الخبراء والمتحدثين من كبرى الجامعات ومراكز الأبحاث العالمية، علاوة على مشاركة خبراء وأكاديميين عُمانيين، أثروا المناقشات بأطروحاتهم المتميزة.

ما أودُ تسليط الضوء عليه هنا، مسألة تكاتف الجهود والشراكة بين القطاعين العام والخاص، فهذا التكاتف وتلك الشراكة بين جريدة الرؤية وهيئة البيئة، هي التي أسهمت في خروج المؤتمر على مدى 3 أيام في أبهى حُلة، انعكست على مُحيا صاحب السُّمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد، خلال رعايته الكريمة للمؤتمر، إلى جانب ابتسامته وفرحته خلال تكريم الفائزين بجائزة الغصن الأخضر وتقديمها للمساهمين والداعمين للعمل البيئي في سلطنة عُمان، من أفراد ومؤسسات وفرق. لا شك أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تثمر العديد من النتائج الإيجابية، وعلى رأسها تحقيق التميز، فخبرات القطاع الخاص وديناميكيته تتلاقى مع بروتوكولات العمل الحكومي المُتقن والمتوازن، الأمر الذي يعود بالنفع والفائدة.

لقد تكاتفت جهود جريدة الرؤية وهيئة البيئة على مدى ما يزيد عن عام ونصف العام، استعدادًا لتنظيم هذا المؤتمر الدولي الناجح، بدءًا من مرحلة الفكرة ومن ثم بلورتها لتظهر بهذا الشكل الراقي، إلى جانب الجهود الحثيثة التي بذلتها الهيئة وجامعة السلطان قابوس ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، في مخاطبة العلماء والمتحدثين من مختلف جامعات العالم والمراكز البحثية الدولية المتخصصة، وكذلك مخاطبة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ووزارة البيئة المصرية، وغيرها من المؤسسات التي حضرت المؤتمر وكانت من أسباب نجاحه.

الحديث عن الشراكة وتكاتف الجهود من أجل تحقيق الأهداف، لا ينتهي، والأمثلة عليه متعددة، وتؤكد حقيقة واحدة لا يُنكرها أحد، وهي أن العمل الجماعي وتضافر الجهود المؤسسية سر النجاح دائمًا، وأن أي عمل يخلو من هذين العنصرين سيواجه التحديات وقد يكون عُرضة للإخفاق.

إنني لأتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم في إنجاح هذا المؤتمر الذي عكس صورة مُشرِّفة لسلطنة عُمان، وما تبذله من جهود حثيثة لتحسين جودة الهواء ومكافحة التغير المناخي؛ سواء من خلال الإجراءات المُتخذة أو سن القوانين والتشريعات الداعمة لهذه الجهود على المستوى الوطني، أو عبر دعمها المتواصل لكافة الجهود الدولية الساعية للحفاظ على البيئة وصون الموارد الطبيعية. كما إنني أجزل أجمل عبارات الشكر لجموع المشاركين الذين تجاوز عددهم 400 مشارك من 25 دولة، فضلًا عن الحضور المُتنوع من مئات المُهتمين بالعمل البيئي من داخل السلطنة.

وأخيرًا.. لا شك أنَّ تحقيق الأهداف مُرتبط دائمًا بالمنطلقات التي نبدأ منها، فإذا كانت صحيحة كان النجاح حليفنا، وإذا أخطأنا فيها لن نجني سوى الخسائر، ومن ثمَّ فإنَّ الحاجة ماسّة إلى مواصلة تضافر الجهود بين مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة لتحقيق الشراكة المأمولة، وتلبية تطلعات المجتمعات من المؤسسات، وتنفيذًا للأهداف الطموحة التي نصت عليها الرؤية المستقبلية "عُمان 2040".