قراءة في كتاب "الأرمن في الكويت"

 

 

الرؤية- أمجد زكي      

يرسم كتاب "الأرمن في الكويت.. روايات تاريخية وشهادات موثقة" من تأليف حمزة عليان، حلقة ثالثة وربما ليست الأخيرة من سلسلة ضمت حتى الآن ثلاثة كتب عن الأقليات، حيث كان الكتاب الأول عن يهود الكويت وجاء دراسة جامعة لتاريخ اليهود في دولة الكويت بدءا من مسيرة الأخوين صالح وداود بن عزرا اللذين اشتهرا بـ "صالح وداود الكويتي"، ثم كان كتابه الثاني "المسيحيون في الكويت" الذي تُرجم إلى الإنجليزية وظهر كمرجع شامل يقارب الدقة في رصد وتوثيق المعلومات عن الوجود المسيحي.

وفي الكتب الثلاثة (اليهود، المسيحيون، الأرمن)، لم يكتف حمزة عليان بجمع مادة جاهزة ولملمة المتبعثر واستخراج ما في بطون الكتب من معلومات وما تحمله الوثائق من إشارات و"شذرات"، بل إنه أنتج معرفة حينما قام بالبحث الميداني عن رواية هنا وحقيقة هناك، فأجرى لقاءات مع ذوي العلاقة وزار الأماكن وأجرى الاستطلاعات.

غلاف.jpeg
 

يضم كتاب "الأرمن في الكويت.. روايات تاريخية وشهادات موثقة" 3 تقديمات، الأول للبطريرك "آرام الأول كشيشيان" وقد أشار فيه إلى العلاقات الطيبة التي تأسست وترسخت بين الشعب الأرمني والشعب العربي وكيف ازدادت بعد مجازر 1915 والتي أرغمتهم على الهجرة؛ وذكر أن الأرمن تمكنوا من الحفاظ على إرثهم الثقافي وانصهروا في المجتمع العربي وكانوا أوفياء للأرض التي ضمتهم لم يبخلوا يوما بجهد للمساهمة في بنائها واحترموا قوانينها وتواصلوا مع شعبها بكل احترام.

التقديم الثالث كان للأب "أرداك كهيايان" راعي الكنيسة الأرمنية في الكويت وسبقه تقديم بقلم مطران الأرمن الأرثوذكس في الكويت والدول المجاورة الأرشمندريت بدروس مانويليان، وقد ذكر فيه أن الجالية الأرمنية لا يمكن أن تنسى إنسانية الكويت وكيف فتح شعب الكويت قلوبهم لأبناء الجالية وأحاطوهم بكل محبة، وفي المقابل أحب الأرمن هذه الأرض وأهلها وكانوا أوفياء لهذا الوطن وشمروا عن سواعد الجد فأسهموا في نهضته وشاركوا في تقدمه وعملوا على بنائه، لافتا إلى أنه تقديرا لما وجدوه من معاملة طيبة من الشعب الكويتي أصرت الجالية الأرمينية أن يتعلم أبناؤهم اللغة العربية وأن يتم التدريس في مدرستهم باللغة العربية.

وفي مقدمته الشارحة أوضح المؤلف الأستاذ حمزة عليان أنَّه في سبيله لإصدار هذا الكتاب بحث في عدة مصادر وراجع وقرأ العديد من الكتب والموضوعات والأبحاث الأكاديمية والتقارير الصحفية ذات الصلة، وأنه أعطى الأولوية لتسجيل روايات من أبناء الجالية عن بدايات الهجرة وأسباب اختيار الكويت والأماكن التي سكنوا بها والمهن والوظائف التي عملوا بها، لافتاً إلى أن الموضعين أو الركيزتين التي يقوم عليهما الكتاب والخاصة بتاريخ المدرسة والكنيسة هما حجر الزاوية بتأطير أبناء الجالية من حيث التعليم أولاً ومن حيث الملتقى الروحي لهم ثانية.

وأشار إلى أنه ابتعد عن الإطار السياسي لملف الأرمن وركز على الجوانب الاجتماعية والحياتية وظروف الهجرات وتطرق وبشكل مركز وسريع إلى تاريخ العلاقة الدبلوماسية بين دولتي الكويت وأرمينيا من باب الإحاطة بالموضوع.

ويرصد الكتاب الوجود الأرمني بالكويت منذ العام 1778 وكيف انطلقت الهجرة في الأربعينات من القرن الماضي، ويذكر أنَّ الكويت تعد نموذجا فريدا ومتميزا للتعايش المشترك بين الأديان، وأن الكنيسة تلعب الدور المحوري في حياة الجالية الأرمنية فهي مركز الحياة الاجتماعية وحافز لترسيخ الإيمان والانتماء والامتنان للكويت.

 

تعليق عبر الفيس بوك