الرؤية- فيصل السعدي
يعد قطاع السياحة من القطاعات التي ترفد ميزانيات الدول وتحقق إيرادات كبيرة تساعد في عمليات التنمية بمختلف القطاعات الأخرى، ولذلك تركز سلطنة عُمان على الاستفادة العظمى من الموارد الطبيعية التي تمتلكها لجذب المزيد من الزائرين من مختلف دول العالم للاستمتاع بالمناظر الطبيعية والأماكن السياحية والتراثية التي تقف شاهدة على الإرث الحضاري العُماني.
وتتمتع أراضي السلطنة بتنوع بيئي فريد بين جبال وسهول وأودية وسواحل تمتد على مساحة تزيد عن 3 آلاف كيلومتر من مضيق جبل هرمز شمالا وحتى الحدود اليمنية جنوب، بالإضافة إلى أنها تطل على 3 مسطحات مائية وهي بحر العرب وبحر عمان والخليج العربي.
وفي السنوات الأخيرة شهد هذا القطاع اهتماما كبيرا من الحكومة ممثلة في وزارة التراث والسياحة، لتحقق السلطنة نموا كبيرا خلال عام 2022، بحسب الإحصائيات الرسمية الصادرة حتى نهاية نوفمبر 2022، حيث ارتفع إجمالي إرادات الفنادق (5-3) نجوم إلى 161.262 ألف ريال بنسبة 91.7%، كما ارتفع عدد النزلاء من دول الخليج بنسبة 418.8% وذلك بعدد 145.192 نزيل في هذه الفنادق. في المقابل، انخفض عدد النزلاء العمانيين بالفنادق بنسبة 14.9% مقارنة بسنة 2021، وارتفعت نسبة النزلاء من الدول العربية إلى 43.7%، لتسجل الإحصائيات ارتفاعا في إجمالي عدد النزلاء بنسبة 33.9% بنهاية نوفمبر مقارنة بالسنة التي قبلها.
وبحسب شركة ForwardKeys الدولية، فإن سلطنة عُمان سجلت زيادة في الأداء بقطاع السياحة مقارنة بالعديد من المقاصد السياحية في المنطقة، حيث وتشهد السلطنة زيادة في عدد الزوار من الأسواق العالمية وخاصة من الدول الأوروبية ومن ودول الشرق الأوسط بنسبة تفوق 93% من بداية سبتمبر 2022 وحتى نهاية العام، وذلك مقارنةً بالفترة ذاتها من عام 2021، بالإضافة إلى زيادة بنسبة تتعدى 156% في عدد الزوار من الأسواق الإقليمية، وذلك ضمن أحدث بيانات حجوزات تذاكر الطيران، وخاصة خلال شهري نوفمبر وديسمبر من العام الحالي. ومن بين الدول التي سيتم استضافة الزوار منها في سلطنة عُمان جمهورية ألمانيا، والتي تُعد من أكبر الأسواق المصدرة للسياح إلى سلطنة عُمان في الربع الأخير من 2022، بزيادة تتخطى 140%.
وتستقبل سلطنة عُمان العديد من السفن السياحية العملاقة سنويا، وهناك زيادة سنوية في أعداد هذه السفن، نظرًا لموقعها البحري المتميز المطل على المحيط الهندي وبحر العرب وبحر عُمان. وتعمل وزارة التراث والسياحة على تعزيز رحلات السفن السياحية إلى موانىء السلطنة لما تشكله هذه الرحلات من دعم لتنشيط القطاع السياحي، وعادة ما تشهد موانىء كل من خصب وميناء السلطان قابوس في مطرح وميناء صلالة رحلات لعدد من السفن السياحية تنقل خلالها آلاف الزوار الراغبين في التعرف على المزارات والطبيعة العمانية.
مهرجانات متنوعة لجذب الزارين
لقد ساهمت المهرجانات التي شهدتها سلطنة عمان على مدار عام 2022 في جذب المزيد من الزائرين من داخل السلطنة وخارجها، حيث تنوعت هذه الفعاليات ما بين مهرجانات رياضية وتاريخة وتراثية ومجتمعية، وتمكنت من التعريف بالثقافة العمانية من خلال أنشطته المختلفة.
ولقد استقطب مهرجان مسقط للمأكولات الكثير من الزائرين وهو الأكبر من نوعه في السلطنة، ويتيح للزائرين التعرف عى المأكولات العمانية بالإضافة إلى ما يشهده من برامج ترفيهية وثقافية. ويتضمن المهرجان العديد من المسابقات والفعاليات الترفيهية المصاحبة وتقديم عروض مسرحية واستعراضية وألعاب التسلية المختلفة المخصصة للأطفال، والعروض الغنائية والموسيقية، والتي تشمل مسابقات المأكولات.
وفيما يخص الفعاليات الرياضية شهد مهرجان مشجعي كرة القدم ضمن البرنامج المصاحب لفعاليات كأس العالم إقبالا جماهيريا كبيرا، والذي احتضنه مركز عمان للمؤتمرات والمعارض في الفترة من 22 نوفمبر وحتى 18 ديسمبر. وتمكن المهرجان من خلق بيئة حماسية وأجواء مثيرة لعشاق الساحرة المستديرة، حيث تمكن الزائرون من مشاهدة مباريات كأس العالم والاستمتاع بالألعاب الترفيهية التي تناسب جميع الأعمار بالإضافة إلى ركن الطعام الذي يلبي مختلف الأذواق.
أما من حيث المهرجانات التراثية، فقد حقق مهرجان صحار نجاحا ملفتا من حيث عدد الزائرين الذين بلغ عددهم 928 ألف زائر، حيث تساهم السياحة الداخلية في تنشيط الموارد من خلال إشراك أكثر من 175 باحثا عن عمل في هذا الحدث الكبير، وإتاحة الفرصة للأسر لأكثر من 137 أسرة من الأسر المنتجة والمتعففة، واستفادة أكثر من 37 مؤسسة صغيرة ومتوسطة، لعرض المنتجات.
مشاريع سياحية
وتسير خطط التنمية السياحية في مسارات متعددة لتلبية الخدمات التي يحتاجها الزائرون الراغبون في الاستمتاع بالأجواء العمانية، وذلك عبر إنشاء المنتجعات والمشاريع التي تخدم رؤية تطوير القطاع السياحي.
وفي هذا الإطار، شهد عام 2022 افتتاح منتجع جميرا خليج مسقط فئة الـ5 نجوم الذي يقدم مفهوما جديدا للضيافة ويدعم الأهداف الوطنية لجعل سلطنة عُمان وجهة سياحية بارزة، وذلك بتكلفة استثمارية بنحو 60 مليون ريال، والذي يضم أكثر من 206 غرف وأجنحة فندقية بمناظر خلابة وعروض استثنائية، بالإضافة إلى تجارب الضيافة التي يقدمها بأسلوب عصري مع مجموعة واسعة من الخدمات والمرافق الفندقية التي تشمل أحواض السباحة، ونادي للأطفال، ونادي صحي والمرافق الرياضية.
وتستمر وزارة التراث والسياحة في دعم جهود النهوض بالقطاع السياحي ليس فقط في العاصمة مسقط وإنما في العديد من المحافظات، حيث وقعت مؤخرا 9 عقود بنظام حق الانتفاع لتنفيذ مشروعات سياحية ذات المستويين الصغير والمتوسط على أراض حكومية تابعة للوزارة، وتتمثل المشروعات في إقامة فندق من فئة 3 نجوم وفندق من فئة نجمتين واستراحة في محافظة ظفار، ومنتجع من فئة 3 نجوم وفندق من فئة نجمة واحدة في ولاية الجبل الأخضر بمحافظة الداخلية، وفندق من فئة 3 نجوم بولاية وادي بني خالد ومنتجع في ولاية بدية في محافظة شمال الشرقية، وإقامة مخيم سياحي في ولاية عبري بمحافظة الظاهرة، ومخيم سياحي في ولاية جعلان بني بو حسن بمحافظة جنوب الشرقية.
مزارات طبيعية
وتتمتع أراضي السلطنة بوجود المحميات الطبيعية التي يبلغ عددها 18 محمية وتمثل إرثًا طبيعيًّا وحضاريًّا وعاملا مهمة لجذب الزائرين لقضاء أوقات مُمتعة في المغامرة والاستكشاف، حيث تُشير المؤشرات العامة لإحصائيات وزارة السياحة إلى أنَّ زوار المواقع السياحية في سلطنة عُمان وصل عددهم إلى 99505 آلاف زائر حتى شهر سبتمبر من عام2022.
ويتميز موسم خريف صلالة بجذب آلاف الزوار من مختلف دول العالم للاستمتاع بالأجواء الساحرة، وساهم ذلك في نمو حركة الطيران القادمة إلى مطار صلالة وفتح خطوط جوية جديدة، فقد استقبل مطار صلالة 3 رحلات أسبوعية من طيران ناس السعودي، مع تدشين مجموعة من خطوط الرحلات الموسمية مثل الخطوط الكويتية، كما شهد خريف 2022 ولأول مرة في السلطنة استقبال رحلات طيران ويز إير أبوظبي. وأعلنت شركة مواصلات زيادة عدد الرحلات اليومية للحافلات من مسقط إلى صلالة ذهابًا وإيابًا من 3 إلى 6 رحلات، موفرة بذلك ما يقارب من 600 مقعد يوميًّا لإتاحة المجال أمام الراغبين في الذهاب إلى صلالة في هذا التوقيت.
وقد شهد مطار صلالة خلال موسم الخريف السياحي 2022 بمحافظة ظفار نموًّا في أعداد المسافرين، حيث بلغ عددهم أكثر من 315 ألف مسافر منذ بداية يونيو وحتى 13 أغسطس.