د. خالد بن حمد الغيلاني
@Khalidalgailani
في قصر البركة العامر، يستقبل مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- رئيس وأعضاء مكتب مجلس الدولة، وكذلك رئيس وأعضاء مكتب مجلس الشورى، وهما لقاءان كريمان من لدن جلالة السلطان المُفدى، أحاولُ جاهدًا من خلال هذا المقال قراءة بعض ما يمكن رصده من هذين اللقاءين الكريمين.
لقاء مولانا السلطان بمجلس عمان بجناحيه الدولة والشورى، إنما هو لقاء وطني بامتياز، وذلك لما يتمتع به المجلسان من صلاحيات وطنية، ودور رئيسي في القيام بمهام تشريعية ورقابية، وتأكيد الحوكمة باعتبارها أحد مرتكزات ومنطلقات رؤية "عُمان 2040".
اختيار توقيت اللقاءين جاء مُوفقًا للغاية؛ إذ إنه في مرحلة بدأنا نتجاوز فيها تلك الأزمة الاقتصادية الخانقة، والظروف الصعبة التي مرت على العمل التنموي في البلاد، ومع بداية لفترة ثالثة للمجالس البلدية، واستشراف مستقبلي لمجلس عُمان وهو على مشارف بداية فترة جديدة من عمل وطني يضاف لتلك الإنجازات الكبيرة من عمل المجلسين.
جاء هذان اللقاءان بعد صدور قانون مجلس عمان، وتحديده لصلاحيات وأعمال المجلسين، والعلاقة البينية بينهما، ثم علاقتهما معاً بمجلس الوزراء، هذا القانون الذي سيكون له دوره في بيان جهود المجلسين بشكل أكثر حضورا وفعالية من ناحية، وأكثر تركيزا في المهام والصلاحيات من ناحية أخرى.
كما إن حضور بعض الوزراء المعنيين والمختصين في أعمال اللجنة التنسيقية بين الحكومة والمجلسين؛ دلالة واضحة على توجه مولانا السلطان المعظم نحو مزيد من التعاون القائم على التكامل بين مؤسسات الدولة، وصولا لنتائج أكثر إيجابية، تعود بنفعها على الوطن والمواطن، وتؤطر لمرحلة جديدة من التعاون المشترك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، خاصة وأنهما سلطتان تستمدان دورهما من مقام السلطان ولي الأمر ورأس السلطتين.
وأن يكون اللقاء السامي بمكتبي المجلسين في رحاب قصر البركة العامر، فهذا لقاء رسمي من ناحية، وحميمي من ناحية أخرى، ويبعث رسالة واضحة أن مجلس عُمان في مكانة سامية، ومنزلة رفيعة عند مولانا السلطان، وأن قصر البركة العامر- وهو دومًا مصدر خير وبركة- تنطلق منه الأوامر والتوجيهات والتعليمات، لكل ما من شأنه بناء وطننا العظيم، وأن هذا القصر المنيف المهيب تتسع كل قاعاته وممراته وأروقته لكل أبناء عُمان، فهو باحتضانه لقاء سلطانيا بمجلس عمان فبهذا عمان كلها تحضر اللقاء.
أن يكون اللقاء بمجلس الدولة أولًا ثم مجلس الشورى تاليًا؛ ففي هذا تراتبية انسجمت مع تراتبية النظام الأساسي وقانون مجلس عُمان، وهذا أمر قد يغفل عنه الكثيرون؛ لكنه في بلد المؤسسات كل أمر في موقعه، وكل تصرف في موضعه، وكل حدث له من المقاصد والمآرب مما يجعله حدثًا وطنيًا.
في هذين اللقاءين، والابتسامة مرسومة على محيا جلالته، فهذا دلالة عن رضا من لدنه بحجم العمل المبذول من المجلسين، وأن دورهما كبير وعظيم.
وبطبيعة الحال فقد وجه جلالته بالعديد من الأوامر والتعليمات لتفعيل أدوار المجلسين والتنسيق الدائم بينهما، ومع الحكومة، والمساعدة في تنمية المحافظات دون تدخل في اختصاصات المجالس البلدية، والتوازن في طرح القضايا، ومراعاة المصلحة العليا للوطن عند مناقشة مشاريع القوانين، ودراسة المقترحات والاتفاق عليها وإجراء الدراسات اللازمة حولها، ومعرفة كلفتها قبل رفعها لمقام جلالته السامي.
إنَّ لمجلس عُمان دوره، وله مكانته، كما إن لمكتب كل مجلس أهمية كبيرة وعلى الأعضاء اختيار أفضل الكفاءات من بينهم ليكونوا ضمن عضويته.
لقاء مولانا السلطان هو البداية للقاءات قادمة، فكما التقى بالمشايخ في ربوع الوطن الغالي بحضور المحافظين والولاة، والتقى بمجلس عمان من خلال مكتبي مجلسي الدولة والشورى، فهناك الكثير من الفعاليات الوطنية والنخب المجتمعية سيكون اللقاء بهم قريبًا ضمن جدول أعمال مولانا السلطان الذي أكد على مُشاركة الجميع دون استثناء في مسيرة بناء نهضتنا العمانية المتجددة.
حفظ الله تعالى عُماننا الغالية ومولانا السلطان المعظم وأبناء الوطن المخلصين.