خلفان الطوقي
بصيغة أشمل لطرح السؤال: لماذا علينا أن نشارك في انتخابات المجالس البلدية والمشاركة في انتخاب أعضاء هذه المجالس من بين 727 مرشحًا و27 مرشحة؟ لماذا علينا انتخاب الأفضل؟ وهل مشاركة كل فرد منِّا مهمة من مجموع حوالي 732 ألف ناخبٍ وناخبة مسجلين في السجل الانتخابي لانتخاب 126 عضوًا وعضوة في 11 مجلسًا يمثلون جميع محافظات سلطنة عُمان؟
في هذا المقال، أسردُ أسباب أهمية أو عدم أهمية المشاركة من كل فرد منِّا، والإجابة أيضا على أهمية اختيار الأفضل بعيدًا عن أي تعصب قبلي أو ديني أو مناطقي.
ولكي لا تطول المقالة وتتشتت الفكرة، أدخل إلى صُلب الموضوع مباشرةً، وأبدأ بأهم أسباب المشاركة:
سياسيًا: حيث أشار حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أيده الله- إلى أهمية المجالس البلدية، وأنها سوف تكون حاضرة وداعمة في عملية اتخاذ القرار، وأنه سوف تجري توسعة مسؤولياتها ومهامها، وسوف تكون جزءًا جوهريًا في تطبيق اللامركزية من أجل تطوير المجتمعات المحلية، وتنمية وتطوير المحافظات.
إداريًا: الأنظار كلها تتجه نحو الكفاءات الوطنية التي من المُنتظر ترشيحها لتتحمل مسؤولياتها الكبرى والاستحقاقات الوطنية المأمولة من الوطن والمجتمع، فحسن الاختيار سيكون العلامة الفارقة لكفاءة أو عدم كفاءة المجالس البلدية التي تمثل مختلف محافظات السلطنة.
اقتصاديًا: التحديات التي تواجه 11 محافظة ليست بالسهلة، وتحتاج لكفاءات وطنية مؤهلة في المجلس البلدي لتُساند الجهات الحكومية المختلفة ومجالس الشورى والدولة والجمعيات المدنية المختلفة، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال اختيار كفاءات مميزة تحمل قيمة مضافة تستوعب المعطيات والمستجدات والتحديات الاقتصادية المعقدة، وتستطيع قراءة المشهد بعمق وواقعية لكي تتمكن من تشخيص العراقيل بدقة فائقة، واقتراح الأفكار الخلاقة والمبتكرة.
علميًا: أثبت الواقع أن الحلول الارتجالية والعشوائية لن نجني منها سوى نتائج عشوائية وتشويها إضافيا سيعقد كل الخطط الوطنية الهادفة إلى التخطيط العمراني والحضري، ولا حاجة لنا به، وما لنا إلا نختار من يؤمنون بالحلول العلمية، ويبقى الخيار لنا.
خدماتيًا: المجلس البلدي معني بتطوير الخدمات، ففاقد الشيء لا يعطيه، بمعنى من لم يعلم ويطلع بأفضل الممارسات العالمية في المجالات الخدمية، فعلينا أن لا نتوقع منه الكثير، وعلى حسب من نختار، سنرى نتائج من اخترناه، بغض النظر عن الموازنات المتوفرة أو الصلاحيات الممنوحة.
دينيًا: الجميع وبدون استثثناء مطالب بالمشاركة في العملية التنموية، والدين الإسلامي الحنيف يطلب منَّا تعمير الأرض، واختيار القوي الأمين، أن أردنا إصلاحا وتعميرا وتطويرا.
تنمويًا: علينا أن نؤمن بالمشاركة المجتمعية في استدامة التنمية، فالمواطنة الصالحة ليست بالأقوال والشعارات المثالية، بل بالأفعال، والاستفادة من كل الفرص والأدوات المتاحة للبناء والتنمية المستدامة وتحقيق الأهداف التنموية المراد تحقيقها في الحاضر والمستقبل.
نفسيًا: علينا السعي في اختيار الأفضل وتحقيق الغلبة لصالحه، وتتحقق الراحة النفسية بالقيام بالترشيح أولا واختيار الأفضل ثانيا، ولكي لا يكون هناك تأنيب للضمير في حال عدم استخدام هذا الحق الممنوح لك، أو عدم العتب على تدني الخدمات التي يصبو إليها المجتمع.
الخلاصة.. لا يكفي المشاركة وتنزيل تطبيق "أنتخبُ"، وإنما ترشيح الأفضل علمًا وخلقًا وخدمةً للمجتمع، فمهما كانت الجهود الحكومية لتشجيع الناس على المشاركة، لكن نضج التجربة أو عدم نضجها يعتمد علينا جميعًا بعيدا عن أي تعصب خادم للمصالح الضيقة، وعلينا أن نضع هذه القاعدة أمامنا قبل الإقدام على ترشيح ممثلنا: إن اخترنا الأقوياء الأمناء، سنجني نتائج قوية، وأن اخترنا الهزيل الضعيف، فعلينا أن نعلم مسبقاً أن النتائج ستكون ضعيفة هزيلة، فالنتائج والمخرجات تعتمد على جودة أو ضعف المدخلات، ويبقى لنا جميعا الخيار والاختيار.