من المفكرة الخاصة لعام 2022 (1)

 

د. مجدي العفيفي

 

من فضلك شاركني التأمل، فنحن في زمن الهرولة، ولعلنا نتشارك الجدل الإيجابي، والعزلة تزداد حواجزها على الرغم مما يتردد أننا في قرية كونبة صغيرة، ونصغي إلى صهيل الكلمات في عالم من الزحام، وفي الزحام لا أحد يسمع فيه أحدا، لكن نحاول مع هذه الومضات التي تخترق الزمان والمكان والإنسان، تلك التي اقتطفها من «مفكرتي الخاصة» التي لا أفتحها ولا أعرض من جواهرها  للنور إلا سنويا، في المساحة الغامضة بين عامين، بين الغروب والشروق، بين الذهاب والمجيء، بين اللقاء والوداع.

وفي مفكرة الأيام قد يتوقف المرء أمام ورقة ولا تستوقفه أخرى، وقد يمر على بعضها مر السحاب. وربما يتمهل ويمهل ذاته أمام عدة أوراق، تجعله يعيش بعض المراحل مرة أخرى، فيعيد كتابة صفحات حياته بخبرة جديدة، ورؤية تحدق في الزمن، ورؤيا تحلق في فضاء النفس، ووسيلة يلملم بها ذاته التي تبعثرت علي محطات الحياة، ولابد أن تتبعثر، فهي التي تتسم بالحركة أكثر من السكون، والسعي نحو المجهول ليصبح في عالم المعلوم، وهذه سنة الحياة، وقانون من قوانين الوجود، الانتقال والتحول التدريجي من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، وتبارك الله الذي له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين.

في ضياء تلك الرؤية، يتجلى هذا التقليد المتأصل في الذات، وقد تزامن معي سنوات ويتطور ويتجدد، إذ احتفظ بمفكرة صغيرة، أسجل فيها ما يروق لي من حكمة مضيئة، أو عبارة دالة، أو خلاصة موقف، أو انتخاب من ذات ممتلئة فكريا بذوات الآخرين.

ها نحن نتواصل في القراءة المنتخبة، للمرة الثانية، في هذا الشهرالختامي السنوي:

للتأمل في زمن الهرولة..

- التاريخ أكبر مصنع لتكييف «الهوى»؟!

- ﻻ تزرع في أرضه شوكا، ‏لعلك غدا تأتيه حافيًا!

- بينما أناس يضيعون أوقاتهم في انتظار السفينة، هناك آخرون يسبحون تجاهها، اصنع الفرصة ولا تنتظرها.

-  يهب الله الطيورغذاءها، لكن لابد أن تطير حتى تحصل عليه.

لعلهم يعقلون لعلهم..

- لا خير فيهم إن لم يقولوها، ولا خير فينا إن لم نسمعهم..! «العظيم عمر بن الخطاب».

- «حصن ديارك بالعدل» العظيم «عمر بن عبد العزيز» لأحد الولاة حين حدثه في أمر أخذ الرعية بالشدة.

  - دولة الإسلام مع الظلم تزول ودولة الكفر مع العدل تطول..«ابن خلدون في المقدمة».

 - ما أشد حماقة من تدخل الأفاعي والعقارب تحت ثيابه، وهمت بقتله، وهو يطلب مذبة يدفع بها الذباب عن غيره، ممن لا يغنيه ولا ينجيه، مما يلاقيه من تلك الحيات والعقارب إذا همت به). «الإمام أبو حامد الغزالي» قبل أكثر من ألف عام.

شيء  يحير..

- رجل حاول أن لا بيتلع نقطة ماء أثناء الوضوء في رمضان.  لكنه ابتلع حصة أخته من الميراث، ومترين من أرض الجيران، وابتلع مترا من الشارع العام، تأملوها، وناظروا بها الواقع حولنا.

 - إذا كنت تخجل من ملابسك القديمة وأحذيتك المرقعة فكيف لا تخجل من أفكارك القديمة؟

-   التكرار لا يجعل الأكذوبة حقيقة، لكن ينشرها حتى تصبح أقوى من الحقيقة.

 -  نحن جميعاً من «أهل الكهف» لكن ضللنا الطريق إليه.

شواهد ومشاهد..

- ﺃﻧﺖ ﻣﻦ ﺗُﺤﺪﺩ ﻗﻴﻤﺔ ﻧﻔﺴﻚ، ﻓﻼ‌ ﺗﺼﻐﺮ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻚ ﺣﻴﻦ ﺗﺮﻯ ﻓﺨﺎﻣﺔ ﺍﻵ‌ﺧﺮﻳﻦ، ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺗﻘﺎﺱ ﺑﺎﻷ‌ﻭﺯﺍﻥ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﺨﻮﺭ ﺃﻏﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﻟﻤﺎﺱ!

 - مُؤسِفٌ حقاً أن تكون النظارة ماركة، والساعة ماركة، والحذاء ماركة، والشخصيَّة تقليد.

- الحياة مثل «السوبرماركت» تتجول فيه، وتأخذ ما يطيب لك من المعروض، ولكن تذكر بأنَّ الحِساب أمامك وستدفع ثمن كل شيء أخذته.

 - اهتمامنا شديد جداً بمسمّياتنا في الدنيا، بروفيسور.. دكتور.. مهندس..معلم.. لكن! ماذا أعددنا لمسمّياتنا في الآخرة ؟ الصائمون، القائمون، القانتون، المتصدقون، الراكعون، الذاكرون.

- كما تتفاخر بأجدادك، كن الفخر لأحفادك!

‏‏‏‏‏- كلما ارتفع المصباح كلما اتسع نطاق إضاءته، فارتفع أنت بدينك وأخلاقك.

- القلق مثل الكرسي الهزَّاز سيجعلك تتحرّك دائماً، لكنّه لن يُوصِلك إلى أي مكان.

  

  في الحب والمحبة..

 - الحب والعطر لا يختبآن. 

 - إذا شبع المرء لم يجد للخبز طعما.

-  إذا كنت لا تجيد الابتسامة فلا تفتح دكانًا.

-  الحب الذي يتغذى بالهدايا يبقى جائعا على الدوام.

مفارقات..

 - ﺳﺌﻞ ﺍﺛﻨﺎﻥ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﺘﺄﺧﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ؟  ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺣﺪﻫﻢ: ﺍﻧﺸﻐﻠﺖ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﺓ.. ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻵ‌ﺧﺮ: ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﺓ ﺃﺷﻐﻠﺘﻨﻲ! ﻗﻤﺔ ﺍﻷ‌ﺩﺏ.. ﻭقمة ﻗﻠﺔ ﺍﻷ‌ﺩﺏ.

   - ﺷﺎﺏ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺯﻓﺎﻓﻪ ﺗﺮﻙ ﺑﺎﻗﺔ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺵ ﺃﻣﻪ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ: «ﺳﺘﻈﻠﻴﻦ ﺍﻷ‌ﻧﺜﻰ ﺍﻷ‌ﺟﻤﻞ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ»!

أليس كذلك.. ؟

 - ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮﺗﻔﻊ؛ ﺳﻴﻌﺮﻑ ﺃﺻﺪﻗﺎﺅﻙ ﻣﻦ ﺃﻧﺖ، ﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﻘﻂ؛ ﺳﺘﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﻫﻢ ﺃﺻﺪﻗﺎؤﻙ!

 - ﺑﻌﺾ ﺍﻷ‌ﺣﻴﺎﻥ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻟﺸﺨﺺ ﻻ‌ ﻳﻬﺘﻢ ﻟﻤﺎ ﺗﻘﻮﻟﻪ، ﻓﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨِّﺎ ﻻ‌ ﻳﻨﺘﺒﻪ ﻟﺼﻮﺕ ﺍﻟﻤﻜﻴﻒ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻪ ﺇﻻ‌ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ينطفئ.

 - ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﺩﺏ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺋﺒﻴﻦ ﺷﻴﺌﺎً ﻟﻢ ﺗﺠﺮﺅ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﻭﻫﻢ ﺣﺎﺿﺮﻭﻥ.

 - ﺍﻟﺴﻤﻜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻐﻠﻖ ﻓﻤﻬﺎ ﻟﻦ ﻳﺼﻴﺪﻫﺎ ﺃﺣﺪ، ﻓﺄﻏﻠﻖ ﻓﻤﻚ ﻷ‌ﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﺼﻴﺪ ﺃﺧﻄﺎﺀﻙ.

 - ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﻮﺡ ﻟﻚ ﺷﺨﺺ ﻓﺎﺳﺘﻤﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺟﻴﺪﺍ، ﻓﻬﻮ ﺍﺧﺘﺎﺭﻙ ﺃﻧﺖ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ، ﻓﻼ‌ ﺗﺨﺬﻟﻪ!