وسائل التباعد الاجتماعي

 

 

أحمد بن موسى البلوشي

لفترة طويلة من الزمن، لعبتْ الأسرة والمدرسة الدورَ المحوريَّ في تكوين ثقافة الإنسان وعلاقاته مع الاخرين، إلى أنْ ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة، وأصبحت تلعب الدور الكبير في هذه المهمة، وتكمُن أهمية  هذه المواقع التي يستخدمها البشر اليوم في كونها أخذت حيزًا كبيرًا في حياتنا، وتخللت جميع جوانب الحياة المختلفة.

وتشير بعض الإحصائيات إلى أن هناك تقريبًا أكثر من 4 مليارات شخص يستخدمون هذه الوسائل، وهذا دليل واضح على أهميتها في الحياة البشرية، وتلعب هذه الوسائل دورًا في تحقيق الكثير من الفوائد؛ منها على سبيل المثال: أنها تترك أثرا إيجابيا في نفوس الكثيرين جراء سماعهم أو قراءتهم للأخبار المفرحة والتي تسعد قلوبهم، أو تعرفهم على بعض المعلومات التي يجهلونها، أو متابعتهم لحسابات الكثير من المؤثرين، أو التعرف على أعمال وإنجازات الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة، أو كونها منصات تجارية تُسهل على الكثيرين اقتناء حاجياتهم، وتلعب كذلك هذه الوسائل الدور الكبير في تحقيق التواصل المستمر بين الأفراد وتبادل وجهات النظر والأفكار، ومناقشة الكثير من القضايا، وطرح الآراء حول ما يتم تداوله من مواضيع مختلفة.. باختصار، يُمكننا القول بأنها تجعل الحياة والعلاقات سهلة، وتوفر المعلومات ببساطة.

الجميع يُجزم بأنَّ وسائل التواصل الاجتماعي جلبت لنا الكثير من الإيجابيات والفوائد، إلا أنها كذلك أثرت وبطريقة سلبية على التواصل بين أفراد الأسرة والمجتمع. فمواقع التواصل الاجتماعي كشفت لنا الكثير من الغموض في شخصيات البعض، ومدى التناقض لديهم؛ سواء على مستوى الأسرة أو الأصدقاء أو المجتمع. ومع انتشار الكثير من السخافات والسلبية المفرطة وتداولها بهذه المواقع، أصبحنا نفقد الكثيرين من الأصدقاء فيها، ونخلق فجوة كبيرة للتقارب والتعارف، فأصبحت هذه المواقع بدلا عن كونها مواقع للتواصل أصبحت مواقعَ للتباعد، فما الهدف من تداول أخبار عارية من الصحة حول بعض القضايا؟ والترويج لأخبار مغلوطة ضد إنجازات الوطن أو التقليل من شأنها ومقارنها غير العادلة ببعض المشاريع الداخلية أو الخارجية؟ وكذلك الترويج لبعض الشائعات التي تولد الخلاف والشقاق بين الكثيرين؟ أو نشر الأخبار المفبركة عن البعض؛ مما يُؤدي لخلق مشكلات عديدة؟ أو الترويج لبعض الشخصيات التي تُسيء للوطن والقيم والأخلاق؟ أهذا هو الهدف الحقيقي من وسائل التواصل الاجتماعي؟

يجب علينا جميعًا أنْ نُدرك فوائد ومضار هذه الوسائل، وأن نتحلى بدرجة كبيرة من الفهم والوعي، وألا نتداول ما لا نعرفه، ونتأكد من صحته، وألا نساعد على انتشار الكثير من السخافات والمغالطات، ويجب أن نعي شيئا مهما وهو  أن البعض من المتابعين يتأثرون بهذه الأخبار والمعلومات، وبناءً على هذا التأثير تنتج الكثير من الخلافات والمشكلات لتصل أحيانا لدرجة التباعد بين الأطراف، فلماذا نساعد على انتشار معرفة أو معلومة أو خبر ونحن غير متيقنين من صحته؟

إنَّ تداولك لمثل هذه الأشياء يعكس صورتك للآخرين، ومدى وعيك وفهمك للتعامل مع هذه الوسائل، فكن فطنًا لدرجة أن نتبعد ولا تساعد على نشر شيء يساعد علي التباعد الاجتماعي.

تعليق عبر الفيس بوك