متلازمة المحتال

 

أحمد بن موسى البلوشي

 

الاعتراف بالإنجازات على المستوى الوطني من الضروريات التي يجب أن نتحدث عنها، إعطاء الأعمال والمشاريع التي تنفذ حقها يُعتبر من العدالة، والنقاش وطرح الآراء والأفكار حولها يعتبر من الوسائل الضرورية بين أفراد المجتمع، وكذلك المُقارنات العادلة بين الأشياء، جميعها تهدف للخروج بحصيلة من النقاط المهمة، والتي يمكن الاستفادة منها حول ما يتم طرحه؛ بل تعتبر ظاهرة حضارية، وفكرية تدل على ثقافة الأفراد، ووعيهم بالظروف الرّاهنة، والتحدّيات التي تواجهها المجتمعات المختلفة في هذا الزمن.

ويُعرف الحوار اصطلاحًا بأنّه: "مناقشة أو محادثة بين مجموعة من الأفراد حول موضوع، لكلٍّ فرد منهم وجهة نظره الخاصّة به، بهدف الوصول إلى فهم أوسع وأعمق للقضية المطروحة بطريقة تعتمد على المنطق والعقل والبيانات والمعلومات حتى تتضح الصورة وتًعطى النقاط التي يمكن الاستفادة منها، بشرط أن يكون الفرد بعيدا عن التذمر والتعصب والنقد الجارح". ويعرف النَّقْد البَنَّاء على أنه "عملية تقديم آراء صحيحة ووجيهة حول عمل الآخرين، والتي تنطوي عادة على تعليقات إيجابية وسلبية، ولكن بطريقة ودية وليس بطريقة فيها عناد. وفي الأعمال التعاونية، غالبًا ما يكون هذا النوع من النقد أداة قيمة للارتقاء بمعايير الأداء والمحافظة عليها".

ومصطلح "متلازمة المحتال" يطلق على الذين ينتقصون ويشككون في إنجازاتهم وأعمالهم، وإنجازات أوطانهم، فيستصغرون كل مشروع وإنجاز في الوطن دون أن يكونوا ملمين بتفاصيل هذه الإنجازات، وأصبحت هذه الظاهرة منتشرة بالفترة الأخيرة بين الشباب، وهذا ما نلاحظه في وسائل التواصل الاجتماعي من كثرة المناقشات، والمقارنات، والانتقادات السلبية، والآراء المتضاربة حول بعض المشاريع والأعمال التي تنفذ في البلد، والتي- للأسف- تدلّ على جهل الكثير من أصحاب هذه الآراء، مضمون هذه المواضيع، فهي ليست أكثر من طرح سلبي للموضوع، والنظر إليه من زاوية واحدة، الجميع يجب الخير لبلده، ويحب أن تتطور وتتقدم وتنافس باقي دول العالم في كل الأشياء، ولكن الصورة التي يعرضها البعض حول ما يتم عمله في البلد يدل على انه مصاب بمتلازمة المحتال.

والمقارنات بين الدول غير منطقية، وغير عادلة، فلا يمكن أن تقارن بين دولة وأخرى؛ ولذلك لسبب بسيط، وهو أنّ سياسة كل دولة، وخططها مختلفة عن الأخرى، ولا يجب أن ننظر للأمور بالمنظور المالي فقط، نعم المال من المطالب الأساسية، ولكن ليس في كل شيء، فمال بلا صحة لا فائدة منه، ومال بلا تعليم ولا استقرار لا جدوى منه.

وأخيرًا.. لا تنتقص من قيمتك، ومن وطنك بطرحك لأمور لا تعيها، ولا تساير الركب فيما يطرحون من نقاط سلبية لا أساس لها من الصحة، فالطرح الجيد مفيد، وصحي حتى على الصحة النفسية، وإن كان لديك انتقاد أو ملاحظة حول أي مشروع وعمل فطرحها بأسلوب يستفيد منه المسؤول والمواطن دون أن تنتقص من أي شخص أو جهة مُعينة، فمصلحة الوطن هي مصلحة عامة، وهذه المشاريع ترجع بالنفع على الجميع.

تعليق عبر الفيس بوك