في حضرة الرئيس بشار الأسد (2)

 

سالم بن محمد العبري

كانت غايتنا من زيارتنا لدمشق التعرف المباشر على شخصية الرئيس وفكره ومُعجزة صموده ومن ثم صمود سوريا في وجه حرب عالمية عليها، مورست من قبل جزء من السوريين عاق ومتهور ومُشوَّش بفهم إسلامي محرف ومغشوش ومطية للبعض من جنس العرب رضوا بأن يكونوا وكلاء للاستعمار وللصهيونية وللرأسمالية التي لا يكفيها ربحا حلالا مشروعا؛ بل تسعى لتحويل الأقطار إلى إقطاعية لها تمتصها وتأكل الكل وتترك بقايا فتاتها للشعوب التي تستنزف، وكلما زاد العبء على الشعوب وقضت على الطبقة الوسطى التي تعد نسبتها في المجتمع مؤشر على تقدم الدول ورفاهيتها.

كانت سوريا قد قطعت شوطا جيدا في التنمية البشرية والاقتصادية بحيث تقدم القمح هدية لبعض دول المنطقة أو بيعا ونسبة التعليم كانت عالية ومخرجاته مميزة تجوب العالم كأطباء ومهندسين وكانت أوربا وألمانيا وكندا من أكثر الدول استقطابا لها الى جانب الأقطار العربية التي آخرها في الفترة الحالية الصومال ولقد استهدفت هذه الجماعات التخريبية التي وضعت نفسها حمارا مركوبا لمن أراد تدمير كل شيء من شجر وحجر وأفراد قتلا أو تشريدا كذلك لم يتورعوا من المرور على كل زراعة وصناعة وصوامع وبيع ومساجد، وإذا كنا نفهم أن كل ذلك كان بغية تأليب المجتمع على الدولة التي لم تطأطئ رأسها دائما ومرورا بزيارة كولن باول وزير الخارجية الأمريكية الأسبق بعد احتلال العراق طالبا تنفيذ مطالبهم المعهودة والمعروفة إنهاء التعامل مع المقاومة اللبنانية والفلسطينة والابتعاد إيران، والبدء بخطوات ملموسة للاعتراف بإسرائيل وفتح البلاد للاقتصاد الذي يسمونه الحر حتى يكونوا كغيرهم سوقا للشركات العابرة للقارات والمدمرة لأي اقتصاد وطني معتمدا على ذاته وإمكانيته حتى يضعف البلد والدولة وتتغلب الديون ويتدخل البنك الدولي بشروطه المجحفة المدمرة ويؤازره صندوق النقد الدولي، والقوات الأمريكية جاثمة على الحدود وساعات تدق أبوابكم، قيل له كل هذا ليس مقبولا ولن نرتعش من سحرة فرعون، فإيماننا بموسى وعيسى وخاتم الأنبياء محمد هو قوتنا التي لا ترونها والتي  لا تدركون صلابتها وبطولات شعوبنا وجنودنا وقادتنا،عودوا فلن تجدوا منَّا الهوينة ولن نقبل الذلة. فذهبوا لإطلاق وحوشهم وخنازيرهم وقصابيهم يقتلون الصبايا والأطفال والشيوخ والنساء ويروعون الشعب ليفر بجلده طالبا النجاة من الذين سيجلدونه ويسخرونه لمآربهم الدنية ويساومونه به وينتظرون به الاستلام ولو بعد عقدين أو ثلاثة.

رُوع الشعب فتمسك بحبلهم المبتور الملوث بكل الأمراض والقاذورات فلم يتبينه جليا إلا لما بدأت الحرب تنطفئ ويتلاشى سعيرها ويودون العودة لأنهم اكتشفوا الحقيقة وعاشوا هوانا ما حسبوه يأتي من الأخ والجار.

فصفرت الباصات مؤذنة بالسير للقرى والمزارع والمساكن لكن الشرطة تجبر السائقين على أن يفروا ولا يعودوا فلا عودة قبل أن نعطي ما نريد دستورا نحن نصوغه واقتصادا نحن نُديره وبترولا نحن نستخرج وطرقاً نحن نحددها ونفتح لمن نشاء دون رأي منكم واعتراف بإسرائيل، كما اعترفت كل الجزر والصحارى كبيرها وصغيرها، ثم خاطبوا اللاجئين كيف ستعيشون نحن نطبق أوامر (قيصر) ولن نترك لهم حتى قطرة ماء يبلون بها حشرجة حلقومهم إننا كالموت نطبق عليهم فلا يرون كما لا ترون ملك الموت.

ثم صرخ السماسرة لم نقبض دلالتنا تركونا نستوفي قالوا لهؤلاء كم من الزمن تحتاجون أجابوا نصف قرن تشاورت اللصوص فقال بعضهم لا نحتاج لهذه الفترة طويلة وقد نموت دون أن نشبع، وقال الآخرون المدة نصف هذه أو ثلثها، ولم يتخذوا قرارا حتى اليوم فتركوها لمشيئة الناس التي هي من مشيئة الله.

فهل سيفرون من معتقلهم ليلًا ونهارًا ويتركوا المخيمات مقابل عمولة السماسرة؟

نحن نقول لهم لا حل إلا ذلك أو تنتظروا إلى يوم قيامة أولئك على المشردين من أراضيهم أن يفروا من فم الحوت الذي فتح فمه ليبتلعهم ولا مخرج منه إلا بإعمال عقولكم وبصيرتكم فترون رغيفا جافا في حرثكم وخيمتكم أعز وأزكى لكم دنيا وأخرى، فهيا اصرخوا في وجوه الشقيق والجار أنتم لستم أشقاء بل مماليك العصر وسماسرة العهر والبغي ولن نضيعها يوما آخر من حياتنا القصيرة وإن طالت فهي قصيرة لا نبارح فيها حرثا وبيتنا ونتبعكم فأنتم لستم إلا سحرة فرعون يكذبون وينهبون ولا يشبعون.

عودوا أيُّها الأحرار لا تقبلوا حياة الذل والعار وقد أكرمكم الله بأرض مباركة يرقد في مراقدكم أصحاب رسول الله، وقادة الفتوحات، وأنبياء الله عمران ويحيى، وقادة الجهاد صلاح الدين والقسام ويوسف العظمة وعبد القادر الجزائري وشكري القوتل وأمين الحافظ وحافظ الأسد. هل من أرض مثل وطنكم رصع بهذه الآيات؟

ألا ترون أن مدفن العلامة البوطي في المسجد الأموي إلى جانب صلاح الدين وعلى بعد أمتار من أنبياء الله هو دليل صدق وحق وعلا بينما غريمه ومن أفتى بجواز قتله في صحراء لم يذكر لها سبق أو فضل وقد لحق به بعد عشر سنوات، كما قال البوطي (بيني وبينه عن القبر شبر أو شبرين) نعم سبقه بشبر من الزمن.

أكرر يا كرماء عودوا إلى وطنكم وعودتكم ستكون هجرة إلى الله ورسوله لأنكم بهذه العودة تهجرون أعداء الوطن ومرافقة المنادين لبيع الأوطان والإنسان تعودون وقد ظهر الحق من الباطل وميز الصدق من الكذب عودوا تطعمون أبناءكم وبني وطنكم مما عملت أيديكم بأرضكم وتحت سقف بيوتكم التي ورثتموها من آبائكم وأجدادكم جيلا بعد جيل وفقكم الله وأنار بصائركم وسهل طريق عودتكم وفتح لكم فتحًا مبينًا.

تعليق عبر الفيس بوك