حيدر بن عبدالرضا اللواتي
تتفاعل الأحداث بطريقة ديناميكية بشأن تنظيم كأس العالم الذي سيُقام خلال الأيام القليلة المُقبلة في دولة قطر الشقيقة، التي واجهت الكثير من الاتهامات والتحديات منذ أن حصلت في عام 2010 على شرف استضافة كأس العالم بالدوحة المثمرة.
خلال السنوات الماضية قرأنا الكثير من الأحاديث لمسؤولين أجانب وكذلك لبعض العرب وتشكيكهم في تنظيم هذا الحدث الدولي نتيجة للاتهامات التي أوردها البعض فيما يتعلق بالبنية التحتية للرياضة والملاعب في هذه الدولة الخليجية، ومدى قوتها ونشاطها اللوجستي بجانب عاداتها وتقاليدها المحافظة في جذب هذا الكم الهائل من المشجعين والفرق الرياضية من مختلف دول العالم. كما ترّكزت تلك الاتهامات على وفاة عشرات العمال الوافدين خلال عملهم في إنشاء الملاعب الضخمة، والبنية العقارية في جو يتسم بالحرارة الشديدة في معظم فترات السنة لاستضافة هذا الحدث الذي يقام لأول مرة في دولة عربية. وهذه الحملات ما زالت قائمة حتى اليوم، فيما العالم يترقب افتتاح هذه البطولة بكل نجاح بعد أيام قليلة.
دفعت هذه الاتهامات من بعض رجال السياسة والإعلام، كبار المسؤولين القطريين للرد على الاستفسارات التي وردت إليهم ومن ضمنهم الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الذي تحدث مُؤخرًا عن بعض الأسباب المقدمة لمقاطعة كأس العالم والتي اعتبرها غير منطقية، في الوقت الذي تم فيه بيع ما نسبته 97% من تذاكر هذه البطولة، مُفندًا ما ذكرته بعض الصحف الأوروبية حول مشاكل العمالة الوافدة التي عملت في بناء تلك المشاريع الرياضية الضخمة التي أدت إلى وفاة بعض العاملين بها.
ويرى المسؤول القطري أن هناك الكثير من النفاق في تلك الهجمات التي تتجاهل كل ما حققته دولة قطر في هذا الشأن مؤكدًا أنه أمر مؤسف بكل صراحة من تلكم الأشخاص ووسائل الإعلام التي تقف خلفها. فمنذ عام 2010 وحتى اليوم، أصدرت دولة قطر العديد من التشريعات منذ حصولها على شرف استضافة هذه البطولة، حيث قامت بتحسين ظروف العمال الوافدين، وألغت "نظام الكفيل" الذي أبعد العمّال عن ممارسة العمل القسري، ودعت العديد من المنظمات الدولية للوقوف على هذه القضايا، وتمنكت بالفعل من إكمال البنية التحتية لهذا الحدث الرياضي العالمي. كما تمكنت من تحديد الأجور للعمالة الوافدة، وتوفير الوجبات والإقامة ليتناسب والمعيشة في هذه الدولة الخليجية، وخصصت مبالع لتعويض كل عامل تضرر من جراء ذلك من خلال صندوق أسسته لهذا الغرض وبواقع 350 مليون دولار توجهت بعض أمواله إلى العمال الذين حُرموا من رواتبهم من قبل بعض الشركات القطرية بسبب الصعوبات المالية التي واجهتها وأقيمت عليها دعاوى قضائية، إضافة إلى تعويض عائلات بعض العمال الذين توفوا خلال عملهم في تلك المشاريع.
لقد واجهت دولة قطر وحتى الآونة الأخيرة هجمة عنصرية غير مقبولة من قبل بعض الحاقدين بسبب قرارها في استضافة كأس العالم، إلا أنه من واقع تلك الأحداث المشابهة في العالم، فإنه لا يمكن إنكار ما قامت به من جهود مخلصة في تنظيم هذا الحدث الرياضي العالمي المهم، والذي بدأت نفس تلك المصادر الخارجية تتحدث عنه اليوم بكل إيجابية وتشيد بالجهود المبذولة في تحقيق ذلك. فهذه الاتهامات اليوم في مهب الريح بعدما أثبتت الحكومة القطرية أنها أكملت تلك المشاريع الرياضية بالطرق التكنولوجية الحديثة من جهة، ونجحت في تسويق هذا الحدث بكل كفاءة واقتدار من جهة أخرى، فيما تعمل مع الدول الصديقة في مجال المحافظة على الأمن والأمان قبل وأثناء وبعد هذا الحدث الرياضي المهم، بحيث تصبح كأس العالم في قطر واحدة من أكثر الكؤوس أمانًا في التاريخ على حد تعبير وزير الخارجية القطري.
وأخيرًا هناك العديد من الخطط التي وضعتها قطر الشقيقة فيما يتعلق بالبنية الرياضية التي أنشاتها لتحقيق هذا الغرض لاحقًا، وكيفية الاستفادة من بنية القطاع العقاري التي تم إنشاؤها، الأمر الذي يؤكد أن هذا الحدث وما يحصل فيها من ترويج وتسويق ومشاهدة عينية مباشرة يعطي الفرصة لقدوم الكثير من الأسر والعائلات الخليجية والعربية ومن مختلف دول العالم للعيش في هذا الجزء من العالم.