18 نوفمبر.. ميلاد وطن وشعب

 

خالد الشنفري

كان قدر عُمان قبل تأريخ 18 نوفمبر قبل 52 عامًا من الآن أنَّه لايوجد بها مُستشفيات وبالتالي لا غرف للولادة ولا تواريخ ميلاد ولا شهادات تعطى للمواليد ولا أعياد ميلاد، وكان قدرها أنَّه لا توجد بها مدارس ولا تعليم ولا كتاب ولا قلم وبالتالي لا معرفة ولا علم يحصل وتغييب كامل عن العصر والعالم.

تاريخ ميلاد الشخص منَّا كان قبل عام 1970 يعرف بحادثة وقعت في عام ما كانت أقرب لسنة ميلاده فيعرف بها كتاريخ سنة الغريقة مثلا أو عام الحيمر أو سنة الشلي أو غيرها، لايهم حدثت الولادة قبلها أو بعدها بعام أو عامين أو أكثر أو أقل، التواريخ مغيبة وغيبت البلد مع كل ذلك.

18 نوفمبر كان بداية دولة المؤسسات والقانون والحقوق وضرورة أن يكون لكل مواطن تاريخ ميلاد يتعامل معه على أساسه، لذا تم تسنيننا طبياً لحل هذا المشكل بعد 18 نوفمبر وحدد لنا جميعًا تاريخ أول يناير من كل عام فأصبحنا وكأننا كلنا ولدنا في يوم واحد.

18 نوفمبر أصبح تاريخًا لميلاد أمة ووطن وسلطان وشعب، به عرفنا الانتماء للوطن الكبير عُمان وعرفنا الحرية وعرفنا المدرسة والكتاب والقلم والمعلم ونور العلم وعرفنا العالم من حولنا وتعرف علينا وانطلقنا نحوه لنثبت لنا موطأ قدم فيه ونقدم للعالم عماننا الحبيبة الجديدة "عمان 18 نوفمبر" ونجتر معها تاريخها العريق كله بثقله بعد أن كان هو بدوره مغيبا أيضا وأصبحنا جزءا فاعلا في هذا العالم واكتسبنا احترامه لنا ولازلنا على الدرب سائرين.

إن احتفالنا بعيدنا الوطني الـ52 في ظل رعاية سلطاننا المجدد- أطال الله في عمره- يأتينا وأكبر شريحة من المواطنين في عُمان وُلدوا في مستشفيات ومؤسسات صحية حديثة، وتأرخ ميلادهم بالدقيقة والساعة واليوم، وثبت بشهادات ميلادهم في إدارات الأحوال المدنية ونعموا بالرعاية الصحية من لحظة المولد وتلقوا تعليمهم في مدارس حديثة وجامعات راقية وأهلوا إيما تأهيل، فتجاوزوا بذلك السنوات العجاف التي مررنا بها مؤخرا بعدما قدر الله حدوثها من جوائح وجوانح وبائية واقتصادية وتجاوزوها بأقل الخسائر الممكنة في الأرواح والأنفس وهي التي لا تعوض واستعادوا ويستعيدون تثبيت دفة الاقتصاد بجدارة رغم خضمها الذي يعصف بالعالم أجمع، ذلك لأنهم ببساطة جيل وأبناء 18 نوفمبر وفي كل الأعمار خير وكل حسبما يسر له.

إنَّ هذه الشريحة من أبناء 18 نوفمبر وهم ممن تتراوح أعمارهم اليوم بين سن 20 إلى 52 عاماً أصبحت عمان اليوم معهم وبهم في أيدٍ أمينة تحت ظل الرعاية السامية لسلطان التجديد وبهذه الشريحة ستصل بإذن الله تعالى إلى بر الأمان التام وسننعم جميعًا من جديد بأفضل ما يكون الرخاء وأفضل مما كان بإذن الله.

طبتم وطابت عُمان بكم وكل عام وعُمان وسلطانها وشعبها بألف خير وعيدا وطنيا ثانياً بعد العيد الماسي الخمسين مجيداً.