مؤشرات تدعو إلى القلق

 

خالد بن أحمد الأغبري

عندما يكون الإنسان إيجابيًا وينظر إلى الدنيا على حقيقتها ويتعلم منها الخطأ والصواب يستطيع من خلال ذلك ترتيب أوراقه بشكل مُميز ومن ثم يحدد ملامح مستقبله ومسارات حياته ويضع لنفسه خارطة طريق هادفة لكي يعمل من خلالها وفق منهجية ثابتة وإرادة قوية شاملة وواضحة المعالم وصولا إلى تحقيق الغاية المرجوة التي تمكنه من تجاوز تلك الحواجز التي تعترض طريق حياته وهو بذلك يخلق لنفسه أجواءً مستقرة وآمنة بعيدة عن الضوضاء والصخب، إضافة إلى أنه بذلك يستطيع الوقوف بجدية وحزم في مواجهة تلك التيارات الهدامة التي تغزو العالم بهمجيتها وسوء نواياها وتصرفاتها غير المسؤولة.

فيأخذ زمام المبادرة لكبح جماح المعتدين والمناهضين الذين يسعون لبث سمومهم بطرق شتى لإفساد المجتمعات وإيقاعها في بؤر ومستنقعات عميقة وملوثة بأفكارهم وقبيح أفعالهم بجانب سفك دماء الأبرياء وأخذ أموال الناس بالباطل وانتهاك أعراضهم وحقوقهم والعبث بممتلكاتهم .

هذا هو الجانب الأهم والمُهم فيما يشهده العالم من تحديات وصراعات واضطرابات ومتغيرات دولية وإقليمية ما أنزل الله بها من سلطان، تدل دلالة واضحة على أنها سوف تعمق الجراح وتخلق المزيد من العنف والصراعات المتصلة ببرامج وخطط واستراتيجيات تلكم الأطراف المنحرفة عن جادة الصواب من أجل استغلال الظروف لصالحها والتحكم في اقتصاديات العالم وترويضه بشتى الوسائل والطرق ليكون هذا العالم تبعا لها مع استمرارية التحكم في مصالحه، والتي هي بلا شك من أهم استراتيجياتها التشجيع على القيام بمثل هذه الاضطرابات والتوترات والمؤثرات الداعمة لإثارة مثل هذه القضايا والنزاعات العرقية والقومية، والتي في المقابل سوف تفضي لنتائج وخيمة وخارجة عن إطار الفطرة التي فطرها الله لعباده؛ وهو سلوك يتناقض مع صحوة الضمير واحترام حقوق الآخرين، في تعارض واضح مع توجهات ومبادئ الدين القويم والفكر الرصين والعقل السليم فهو سلوك غير إنساني يدفع بهذا العالم إلى منحدر عميق وممارسة الفوضى والفساد وارتكاب المحرمات وفعل المنكرات في إطار الهيمنة التي تفرضها عناصر وأبجديات ما يطلق عليه "جنون العظمة" مما يجعله أداة لأفعال مخزية ومشينة ومناقضة وهدامة لكل المبادئ والقيم الدينية والعقائد السماوية.

إنها حالة مرعبة وسيئة لا تبشر بخير أكثر ما تكون مدعاة للقلق والتوتر وإثارة الفتن التي أصبحت متفشية بين الناس ولها رواج غير عادي في قاموس بعض الدول التي تقوي من وجودها وتعيش على أكتاف شعوب العالم وتزدري حقوقهم وخصوصيتهم في خطوة تنذر بعواقب خطيرة ووخيمة ومعقدة في نفس الوقت، لكي تتحطم بسببها قواعد الحياة السليمة وتنشأ تحت مظلتها تكتلات وعصابات مدعومة من قبل البعض همها إفساد القيم والمبادئ الحميدة من أجل فرض الوصاية على الشعوب والسيطرة على هذا الإنسان وخلخلة الكيان البشري والأخذ به إلى منحدرات وتيارات تهدد هذا الكائن وغيره من المخلوقات، التي هي الأخرى لم تسلم من غطرسة الإنسان بشكل مباشر وغير مباشر وبصورة يندى لها الجبين.

وإذا ما استمر الوضع بهذه الصورة ولم يتحرك العالم المحافظ على مبادئه وقيمه لمواجهة مثل هذه المخططات والعمل على تقييم المستجدات والأحداث أولا بأول وفق إستراتيجيات وبرامج قادرة على ردع وصد هذه التيارات من خلال إنشاء مرجعيات ومحاكم دولية لها القدرة الفاعلة على التعاطي بجدية وحزم مع مثل هذه الحالات والمعتقدات الفاسدة.. فلن تكون لهذه الحياة بقية أكثر مما سوف يغرق البشرية أمام قدرة الله بين ليلة وضحاها، مثلما سقطت الأمم السابقة نتيجة مخالفتها لأوامر خالقها والتعدي على حدوده مع عدم احترام منهجه سبحانه وتعالى، الذي يدير هذا الكون بصورة متكاملة وقدرة عالية وحكمة متناهية وعظمة فائقة لا يصيبها أي خلل أو سهو أو نسيان، بقدر ما هو عامل مهم في تكوين ورصد وإدارة ومحاسبة وضبط هذه الكائنات والمخلوقات صغيرها وكبيرها كائنا ما كان وصولا بها إلى تحقيق عناصر الثواب والعقاب "يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ".

تعليق عبر الفيس بوك