ماضون خلفكم

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

Khalidalgailni@gmail.com

@Khalidalgailani

"سيدي ماضون"؛ أول نشيد وطني تغنت به عُمان مع بواكير عهد نهضتنا المتجددة، وإنه اختيار موفق تمامًا من الأمانة العامة للاحتفالات الوطنية، كلمة ولحنًا، وهم الذين يدركون أهمية الكلمة ودورها الوطني، واللحن ووقعه على النفوس، وكيف يخاطب الهمم، ويحفز المشاعر.

فهذا النشيد بكل كلماته رسم لنا مسارًا وطنيًا واضحًا، مسارٌ يحدد متطلبات المستقبل، ووسائل بلوغه، وأسس ومرتكزات العمل العُماني؛ فأول مراحل العمل في نهضة عُمان المتجددة كانت مؤكِدة على ضرورة الحفاظ على ما أنجز في سنوات نهضتنا المباركة، فخمسون عامًا من العمل والبذل والتخطيط والتنفيذ، خمسون عامًا من العطاء اللامحدود خطت بها عُمان نحو آفاق المستقبل، فتكونت أجهزة الدولة، وتحددت معالم الإنجاز، ووقفت دولة المؤسسات على الحق والحقيقة، وعلم كل دوره وواجبه. فجاءت نهضة عُمان المتجددة لتمضي قدما في ذات المسار بعزيمة أشد، ورغبة أكبر، وعطاء لا تحده الحدود.

ورغم التحديات الكبيرة التي واجهت بدايات حكم مولانا السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله تعالى ورعاه- والتي تركزت في المجالات الاقتصادية والمالية، هذه التحديات الثقيلة جدا، انبرى لها الهيثم السلطان، وتصدى لها الفكر السلطاني، وقهرها العزم العُماني، وخلال الفترة الماضية رغم ثقلها على المواطن إلا أن الأمر بدأ يؤتي أكله وثمره الطيب المبارك.

واليوم ومع فائض مالي تجاوز المليار؛ ندرك مدى بعد النظر الثاقب الذي استشرف به مولانا السلطان مستقبل بلدنا العظيم الكبير الشامخ الراسخ الفتي.

اليوم نمضي برؤية الهيثم وكم يشرفني قول ذلك لأبعث برسالة للجميع أن هذه الرؤية رؤية هيثمية فلا مجال للتكاسل فيها، ولا مناص من تنفيذها، وأن الحوكمة التي هي أحد منطلقاتها وأهدافها ستكون حوكمة حقيقية، وفي المقام الأول تجاه كل من لا يولي الرؤية اهتمامها الوطني المنشود.

لذلك فإن الأمر، ولا سيما مع هذا الانفراج المالي، أصبح يتطلب أن يشمّر الجميع، مسؤولين ومواطنين، عن ساعد الجد، وأن نسير بالرؤية الهيثمية بخطى الواثق المطمئن.

واليوم ندرك لماذا ولىّ السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- مولانا السلطان هيثم رئاسة اللجنة العليا لرؤية "عُمان 2040"؛ فأي فكر ثاقب ولىّ فكرًا ثاقبًا، ورأيًا سديدًا، وتصرفًا حصيفًا.

ورغم تأثر الكثير من أبناء عُمان بضوابط التوازن المالي، وعمل المعنيين في هذا الجانب؛ إلا أن أبناء هذا الوطن صبروا صبر المحب، ورابطوا رباطة جأش المخلص الباذل لوطنه.

واليوم حق لهؤلاء أن يروا نتاج صبرهم، وتغليبهم مصلحة الوطن العزيز الغالي، وبإذن الله تعالى نرى ما يسر البلاد ويعين العباد؛ وهذا والله ما أرى قرب تحقيقه.

ومن خلال مطالعة عاجلة كم نحن فخورون أن نرى عجلة التنمية المتجددة بدأت تدور بشكل متسارع، من خلال مشاريع تنموية وتطويرية واقتصادية توقع اتفاقياتها كل يوم، وفي كل ربوع الوطن العزيز، اتفاقيات في شتى المجالات، وما يميزها أنها تركز على التنويع الاقتصادي، والأمن الغذائي، والصناعات الثقيلة والمتحولة، وتعزيز القطاعات الخدمية، والأخذ بالقطاع السياحي شيئا فشيئا.

وبإذن الله تعالى يا مولانا السلطان ماضون خلفكم لا نحيد، لا نميل، ولتعلموا يا مولانا أن أوامركم نافذة، وتوجيهاتكم ماضية، وأن عُمان واثقة الخطو بهممكم، راسخة العزم برؤيتكم، مكينة حصينة، عزيزة منيعة، شامخة سامقة، ومن ورائكم شعب يعلم واجبه فلا يتأخر، ودوره الوطني فلا يتلكأ، لا شقاق ولا تكاسل، بل عمل جاد متواصل.

وغدًا نجني جميعًا ثمار خير هذا الوطن السعيد الرغيد.