"الدَّغبوص" تواجه خطر الانقراض

 

محمد بن سعيد الرزيقي

حبا اللهُ سبحانه وتعالى بلادنا عُمان بالكثير من النباتات البريَّة؛ حيثُ تُقدّر أنواعها المسجلة بالسلطنة بـ1200 نوع، منها 80 نوعًا لا يوجد إلّا في السلطنة!

وهناك على تخوم قُرى دغمر من ولاية قريات تنتشرُ نبتة الدَّغبوص في أصول وثنايا الثُّمَام الّتي تُسمى محليًّا عند البعض بـ"الشيم". والدَّغبوص نبتة معروفة ومشتهرة لدى العرب منذ قديم الزمان تُسمى الضَّغابيس ومفردها ضُغبُوس. ذكرها ابن منظور في لسان العرب، فقال: قيل: هو نبتة شبه العَرَاجِيْنِ تنبُتُ بالغَوْرِ في أُصُول الثُّمَام، وقيل: هو نَبْتٌ يَنْبُت في أُصول الثُّمَام يُشْبِه الهِلْيَوْنَ؛ يُسْلَقُ بالخلِّ والزَّيت ويُؤكَل.

وفي الحديث: أنّ  صَفوان بن أُمَيَّة أهدى لرسول الله- صلى الله عليه وسلّم- ضَغابيس وجَدَايَةً وهي صغار القثاء واحدها ضُغبُوس. وفي حديث آخر: لا بأسَ باجْتِناءِ الضَّغابيس في الحَرَمِ. وبه يُشبَّه الرجل الضعيف. فيُقال رجلٌ ضُغبُوس.

وقد كنَّا في فصل الشتاء الماطر ونحن في سن الطفولة، وبعد أن ترتوي الأرض بماء الغيث المتواصل، وتخضّرُّ عيدان الدَّغبوص نتسابق في جني الدَّغبوص ونملأ منها الأكياس ثم نعودُ بها إلى منازلنا حيث تجتمع الأسرة على مائدة لذيذة وشهية مع الدَّغبوص المُخلل بالملح والفلفل.

ويُوحي إليك منظرُ الحُصَّاد وهم مُنحنية أصلابهم يبحثون عن الدَّغبوص من بين ثنايا الثُّمام بأنّ أمرًا عجبًا يحدث عند هؤلاء!! ولكن سرعان ما يتلاشى عجبهم حينما يقتربون من الحُصَّاد ويتذوقون عودًا من عيدان الدَّغبوص الخضراء الحامضة مع الملح والفلفل، ثم لا يلبثون إلّا قليلًا حتى يكون هؤلاء هم الحُصَّاد الجُدد.

طبيًّا.. قام فريق بحثي سعودي من كلية الطب بقسم الأدوية والسموم في جامعة أم القرى  بدراسة علمية جديدة تجريبية على نبتة طَّبيَّة سعودية تعرف باسم "الضغابيس" أو النفعة والمعروفة باسمها العلمي "مونولوما كواند رانج يولا"، أظهرت نتائجها قدرة مستخلص النبتة على حماية  المعدة ضد قرح الغشاء المخاطي الناجم عن مادة الإيثانول الكحولي في فئران التجارب المخبرية.

اليوم، يُهدَّد هذه النبتة خطر الانقراض؛ فالمخططات السكانية، والمشاريع التنموية زحفت على موطنها، واكتسحت مساحات كبيرة منها؛ لذا نسترعي انتباه المختصين بهيئة البيئة إلى الاهتمام بهذه النبتة وحمايتها من الانقراض.

وختامًا.. نُوجّه عناية الباحثين في الجامعات العُمانية والمختبرات خصوصًا جامعة السلطان قابوس لإجراء دراسات مستفيضة لاستخلاص فوائدها الطَّبيَّة؛ إذ نعتقد- والله أعلم- أنّه لا توجد نبتة إلا وفيها منفعة طبية واقتصادية.

تعليق عبر الفيس بوك