الذكرى الغائبة

 

 

ملك عبدالله

 

لعلّكِ تجهلين، مثل أيّ شيءٍ آخر. أعبُرُ حولكِ فأتعرَّفُ إليكِ، وتَرين منّي تلك الملامح التي لوَّحتها الحيوات الكثيرة. أعودُ من جديد في التاسعة منها. لا أستعين بالأمل، ولا بنبرة الغياب المضطربة. لا يدَ لي في الرياح الساكنة التي تستريح في الكهوف بعيدًا. ومثلما تغمُرُكِ المعرفة التي تقدّسينها، تغمرني الأغنية الكونية وهي تختزلُك. تحملُكِ الرياح، ولا شيء غير الرياح. وطنُ اسمكِ المسموع بالحواس كلها. ومع الرياح تجتازين أشكالي الكثيرة. وتزدهرين.

مثل قمرٍ يعلو

في الضوء المُستَلَب من الظلمة

أحرُقُكِ لأتذكركِ

ربما كنتِ تلك المرأة بجانب الجدول

تتحسّسين التيار

وتتبدَّدين في تفجُّعه الكونيّ.

ربّما في تأوّهاتك

اضمحلَّت الينابيع.

تكونين صوت الحياة في موسيقا أزلية.

أستشعرُكِ وأنا أتلمّس قسوة الألحان البشرية

ومن خلالها، يغمرني نعيمُك. فأستعيدُك.

في فوضى الأساطير

تختزلين الغضب كلّه في قُبلة

بتلك النظرة المِغناجة التي كثيرًا ما أغوت أعتى الجبابرة،

نظرة، لا يعتوِرها الخنوع

تنعتقُ عبرها أناشيد الغياب

مُتواشجةً مع أصداء الخلود.

أيتها الخلّاقة،

عندما أجهلُك، وأتخشّبُ في الجهل،

عندما يأتلِقُ المصير

الذي تكبُرين خارج حدوده

وتتصاغر أمامكِ الصرخة المتلاشية

ويستريح النسيان بعيدًا

مثل شجرةٍ من نار،

أستجيرُ بكِ،

برُعبك القُدسيّ،

وأنتِ هناك، وحيدة ربما،

تتمازجين بالأبدية

وتحزنين بصمت.

تعليق عبر الفيس بوك