الاستثمار السعودي بالسلطنة

 

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

أعلنت السعودية مُؤخرًا عن اعتزام صندوق الاستثمارات العامة السعودي تأسيس 5 شركات استثمارية إقليمية بالدول العربية تختص واحدة منها بالاستثمار في سلطنة عُمان في القطاعات الاقتصادية المجدية، بجانب عدة شركات سوف تقام في كل من الأردن والبحرين والسودان والعراق.

يأتي هذا القرار في إطار التوسع الذي يشهده الصندوق السيادي السعودي واستثماراته في مختلف القطاعات الاقتصادية بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية من جهة، وإيجاد التكامل الاقتصادي فيما بينها وبين الدول العربية الأخرى من جهة أخرى. ولا شك أنَّ مثل هذه الاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية سوف توفر مزيدًا من فرص العمل للمواطنين العرب، فيما ستحقق السلع والمنتجات الصناعية والزراعية الناتجة عنها مزيدًا من الأمن الغذائي لها، في الوقت الذي تشهد فيه أسواق العالم تضخمًا في أسعار السلع المستوردة من العالم الخارجي. وقد سبق للصندوق السيادي السعودي أن قام في السنوات الماضية بتأسيس شركة استثمارية بمصر بقيمة 24 مليار دولار أمريكي تشمل قطاعات البنية التحتية والعقارات والتعدين والرعاية الصحية والأغذية والزراعة والتصنيع والتكنولوجيا.

لقد شهدت العلاقات العمانية السعودية خلال السنوات القليلة الماضية العديد من التطورات الإيجابية على مختلف الأصعدة، خاصة الاقتصادية منها، وذلك في أعقاب الزيارات الرسمية لقادة البلدين ومسؤولي الجهات الحكومية والقطاع الخاص، الأمر الذي يدعم التعاون المشترك في مختلف المجالات، خاصة وأن كل منها تعمل على تعزيز التعاون الاقتصادي تماشيا مع رؤيتي "المملكة 2030" و"عُمان 2040". وقد أسفرت تلك الزيارات عن تحقيق نتائج إيجابية ومثمرة بين البلدين؛ حيث تم التوقيع على عدد من مذكرات واتفاقيات ثنائية تدعم التوجهات السياسية والاقتصادية والتقنية، وبما يخدم المصالح المشتركة للبلدين، إضافة إلى رفع وتيرة التعاون الاقتصادي المشترك وتحفيز القطاعين الحكومي والخاص لتحقيق رؤى البلدين وتعزيز فرص الشراكة فيما بينها.

ومما لا شك فيه، أن افتتاح الطريق البري العماني السعودي الذي يبلغ طوله 725 كيلومترًا، يساهم اليوم في تنقل المواطنين ويعزّز من التكامل الاقتصادي والتجارة الخارجية، ويفتح مجالات الاستثمار الجديدة لمواطني البلدين، بجانب إيجاد استقرار وتوازن في الأسواق الخليجية. كما إن هذا الطريق يعمل اليوم على خفض كلفة شحن الواردات والصادرات بين البلدين ويقلّل من تكلفة النقل، ويسهّل التواصل بين الأفراد، ويدعم الحركة السياحية والدينية، في الوقت الذي يمكن فيه للمشاريع اللوجستية القادمة كسكة الحديد دعم تلك التوجهات بصورة أكبر في المستقبل.    

إنَّ الزيارات السابقة لمسؤولي البلدين لكل من مسقط والرياض سوف تدعم التوجهات والفرص المشتركة في مجالات مختلفة تشمل أيضا قطاعات النفط والغاز وقطاع البتروكيماويات والطاقة والتقنيات وغيرها، فيما ستعمل الشركة الجديدة التي أعلن عنها الصندوق السيادي السعودي في توفير التمويل اللازم للمشاريع المقترحة سواء في مجالات الطاقة المتجددة أو الكهربائية أوغيرها من المشاريع؛ الأمر الذي سيعزّز من تبادل التجارة البينية وحركة المواصلات والتنقل مستقبلًا، بجانب تعزيز التعاون في مجال الأمن الغذائي، والصناعات التحويلية والأعمال اللوجستية، والتقنية والمالية وغيرها. كما ستعمل هذه المستجدات على تعزيز العمل المشترك في القطاع السياحي أيضا باعبتار أن السلطنة والسعودية لهما الكثير من المقومات السياحية المتميزة والتي ستعمل مستقبلًا على زيادة نمو الناتج المحلي، وتخلق فرص العمل للمواطنين، الأمر الذي سيعزّز من تنويع مصادر الدخل سواء على مستوى البلدين أو على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.

إن إنشاء شركة استثمارية سعودية بالسلطنة سوف يعمل على تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين وسوف تحقق الطموحات الواردة لرؤية كل من "عُمان 2040" ورؤية "المملكة 2030"، حيث تتضمن كل منهما فرصا استثمارية واعدة لتحقيق مبدأ التنويع الاقتصادى، وتهيئة الفرص المستقبلية للمؤسسات والشركات في إطار العمل بالتقنيات والمعارف والابتكارات الحديثة، الأمر الذي سيتيح مجالا أكبر لإيجاد فرص عمل للقوى العاملة الوطنية وتنمية الاقتصاد في البلدين. وهذه الأمور سوف تعمل على توسيع القاعدة الإنتاجية، وتعزيز الأعمال في مشاريع ذات القيمة المضافة، وتحقيق الاستدامة للمشاريع، بجانب الإسهام بصورة أكبر في الناتج المحلي الإجمالي.

إن سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية أصبحتا اليوم وبما تملكان من الموارد الطبيعية المتنوعة، والقدرات النفطية والمالية والاستثمارية محركًا للاقتصادات في المنطقة والعالم، فيما تعملان بأطر تنافسية وخدمية راقية، وتمتلكان الكثير من المشاريع اللوجتسية التي تدعم تلك التوجهات الاقتصادية والاستثمارية، بجانب العمالة المؤهلة التي نالت قسطًا كبيرًا من التدريب والتأهيل للانضمام إلى المشاريع الاقتصادية القادمة، الأمر الذي سوف يساعد على تطوير البنية الأساسية واستغلالهما للموارد المتاحة، وتوسيع قاعدة الصناعات في البلدين.