مرحبًا نوفمبر

 

د. خالد حمد الغيلاني

Khalidalgailni@gmail.com

@Khalidalgailani

تظهر علامات الصباح وتباشيره الأولى، تبدأ الشمس تشرق رويدًا رويدًا، تكتظ الطرق بالناس، تتعالى أصوات أبواق السيارات، يزداد الزحام هنا ويخف هناك، حافلات مدرسية تنقل فلذات الأكباد، علمنا رمز عزتنا يرفرف، نشيدنا الوطني ترتج الأرض بصداه، وتردد الأشجار موسيقاه.

يبدو للكثير أنه يوم عادي؛ لكنه لكل عماني ليس كذلك، ففيه أريج محبة، وشموخ عزة، وصفحات تخط بذهب خالص، إنه إطلالة نوفمبر المجيد. هذا الشهر الخالد، والمجد التليد، هذا الشهر الذي نختط فيه صفحات إنجازاتنا، ونكتب فيه سطور حاضرنا ومستقبلنا.

نوفمبر ليس شهرًا عاديًا، إنه محطة حب ووفاء، وبذل وعطاء، نهضة جعلت من المستحيل واقعا، ومن الوطن عمان حكاية تروى، وفصولا في المجد تقرأ. نهضة تتصل بنهضة متجددة، وكيف لا يكون كذلك، فالأصل واحد، والغاية واحدة، والرغبة متقدة، والعزيمة وثابة.

لم يكن مستغربًا حينما تولى مولانا السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم، وتوجيهه السامي بأن تستمر احتفالات النهضة كما هي، وأن يبقى نوفمبر المجيد كما هو شهر عمان الخالد، ونهر عزها المتدفق؛ لقد أراد جلالته التأكيد على قيم عظيمة، وإظهار دلالات غير خافية عن أحد.

أول ذلك الوفاء لمن بذل وقته وحياته وعمره لعُمان وشعبها، مولاي السلطان هيثم تربى في المدرسة القابوسية المجيدة، ولا يظهر من الوفي إلا صدق المحبة وعظيم الوفاء، وهكذا هم سلاطين عمان وأئمتها أهل للوفاء، ورمز للخير والعطاء.

ومن ثم فالنهضة والبناء والعمل الوطني كل لا يتجزأ، ووحدة متماسكة، وأن عمان مرتبط كلها بكلها، وأن نوفمبر شهر الإنجازات كان وسيبقى، ذلك أن عمان دولة المؤسسات الثابتة، والرؤى الواضحة، والطموحات المتحققة.

ثم لنوفمبر عند أبناء عمان مكانة ومنزلة، ولأبناء عمان عند مولانا السلطان مكانة ومنزلة، فرأى المحب لوطنه وشعبه استمرار نوفمبر كما هو عند محبيه وعشاقه فأي نظرة هذه، وأي حصافة وحكمة! نعم  إنه الهيثم الواثق المتمكن. كما إنها رسالة للداخل والخارج أن عمان ثابتة في كل سياساتها وتوجهاتها، راسخة في كل علاقاتها وصداقاتها، ماضية بعزم وحزم في كل مواقفها وتطلعاتها.

ها هو نوفمبر قد بدأت أيامه، وكما عهدناه شهر خير وعطاء، فلنجعل منه شهرا تتجدد فيه بيعة الولاء والوفاء، وترتفع فيه الدعوات والسعادة والفرح والسرور تعانق السماء، وليكن شهرا نفاخر فيه بالمنجز، ونرسم فيه المستقبل، ونعمل فيه بما تستحقه عمان.

وليكن شهرا يفرح فيه الوطن بالمواطن، وتنهمر فيه عطايا الخير من سلطان الخير، فهو أهل لكل مكرمة، وبني وطني أهل لكل عطاء. ولتصدح الحناجر بالأناشيد، وتزدحم الأزقة بالأهازيج، فإنه نوفمبر المجيد وعيدنا الثاني والخمسون السعيد الرغيد.

دامت بلادي أرض الخير والعطاء، وسلطاني رمز العزة والكبرياء، وكل عماني أصل المحبة والوفاء.