"الكلمنتاين" لذيذة.. ولكن!

 

 

عائشة بنت أحمد سويدان البلوشية

 

في أحد البرامج الجماهيرية الشهيرة ظهرت المُمثلة الأمريكية الجميلة آن هاثاواي، تحمل في يدها إحدى حبات فاكهة "اليوسفي أو الكلمنتاين/الكلمنتين"، وطلبت من جميع الحاضرين في الأستوديو أن يمد يده تحت الكرسي الذي يجلس عليه ليجد إحدى حبات هذه الفاكهة، حتى الجالس خلف الكاميرا لديه واحدة، ثم طلبت من الجميع تقشيرها أثناء الاستماع إلى قصة التجربة المثيرة التي مرَّت بها.

بدأت هاثاواي في سرد قصتها إلى أن وصلت إلى أن ذلك الرجل الذي طلب منها أن تضع الفاكهة المُقشرة على فمها وأن تأخذ نفسًا عميقًا خلال الفجوة في وسط حبة الفاكهة التي قامت بنزع الألياف منها، وطلبت من الجمهور تقليدها، ثم طلب منها أن تخرج الهواء الذي استنشقته بزفير قوي وهي على ذات الوضع، ثم طلب منها أن تُعيد نفس الآلية لكن هذه المرة يجب أن يصاحب الشهيق والزفير صوت قوي، ورغم غرابة وتفاهة العملية طلبت من الجميع تقليد ما تفعل، ففعل الجمهور ذلك بلا تردد، ثم سألتهم: هل أحسستم بالفرق؟ هل أحسستم بالراحة بعدما تنفستم خلال الكلمنتين؟ ليرد العديد منهم "نعم!"، فقالت لهم ضاحكة: "ذلك غير صحيح لأنني اختلقته لكم، ويجب ألا تُصدقوا المشاهير ولا تتبعوهم فيما يقولونه لكم!!" الكلمنتاين فاكهة لذيذة نأكلها ونتلذذ بطعمها وحسب، أما أن يظهر لنا فجأة أن بها طاقة تغير الحياة للأفضل، فهذا مما لا يُعقل تصديقه.

حقيقة يجب الانتباه لها دومًا قبل أن نرفع كلمة أو مقطعًا على أحد منصات مواقع التواصل الاجتماعي، إننا في زمن العجب، حيث أصبح الكثيرون يعيشون ملتصقين بأجهزة هواتفهم ويتابعون من يحبون من مشاهير التواصل الاجتماعي وعصابة إلغاء العقل معصوبة على أعينهم، وسمحوا لهذه الأجهزة بأن تدير طرق حياتهم دون أن يبذلوا أدنى جهد لعقولهم في التفكير في صحة وصدق ما يفعلون من عدمه، وهنا لا أعمم على جميع المتلقين أو جميع المشاهير، لأننا نجد البعض من المشاهير يقدمون المحتوى الراقي الذي يرقى بالعقول، ويرفع المعلومة الجديدة المثرية على مواقع التواصل الاجتماعي، ويوصل التجربة الزاخرة إلى المجتمع، ولكن في الجانب الآخر نجد أن الكثير ممن يطلق عليهم الجيل (Z) تخطف أعينهم السرعة في العرض ويسلب ألبابهم بريق السلعة ولمعتها -إلا من رحم ربي-، بسبب الفرق الشاسع في تركيز المونتاج واختصار التقديم وتشويق العرض، وهذا ديدن التقدم التكنولوجي وليس عيبا في هذا الجيل، فالإعلام الافتراضي بتطبيقاته السهلة أصبح أسرع انتشارا وأبسط تحليلا وأكثر إثارة.

هنا أتمنى على كل من ارتفع عدد متابعيه (الفولوورز) عن ألف (K1) متابع ألا يتخذ محتوى تافها ليرفع العدد، وأن يراجع ما ينشره قبل أن يرفعه، ويتذكر أن كل كلمة أو تزكية أو فعل محاسب عليه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأن قول الخير في النصيحة هو لب هذا الدين القويم، فالحديث الشريف جاء في النص قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ)، وهنا نلاحظ أن قول الخير أو الصمت هما الخيارين الوحيدين لا ثالث لهما، وذلك لما لقوة القول من ردة فعل على المتلقي.

 

 

-----------------------------------

توقيع:

"إذا رماك خِساسُ الناسِ عن سَفَهٍ،، فوَلِّ ظهرَك ما قالوا ولا تُجِبِ.

فالليثُ مُدَّخِر للشِّبلِ مِخلَبَهُ،، ويكتفي لِذُبابِ الغابِ بالذَّنَبِ"

رشيد سليم الخوري.