عُمان والبحرين.. نحو العُلا

 

مدرين المكتومية

برهنت الزيارة السامية لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله ورعاه- إلى مملكة البحرين الشقيقة، على مدى عمق العلاقات الأخوية الوطيدة بين سلطنة عمان ومملكة البحرين، والتي تضرب بجذورها في أعماق الماضي التليد؛ حيث تسجل صفحات التاريخ ارتباط حضارتي مجان ودلمون بعلاقات تجارية وثيقة ووشائج قربى مترابطة.

وقد شهدت العلاقات الثنائية بين البلدين العديد من مراحل التطور في ضوء القواسم المشتركة بين البلدين سوى على المستوى الجغرافي والدين والعروبة، والثقافة المشتركة فيما بينهم، لتجسد الزيارة اليوم الرعاية السامية من لدن القيادة الحكيمة في البلدين الشقيقين لتمتين تلك العلاقات بما يخدم المصالح المشتركة ولما فيه خير ورفاه الشعبين الشقيقين والدفع بها نحو آفاق أرحب بما يلبي الطموحات والتطلعات المستقبلية وفق رؤيتي عُمان 2040 والبحرين 2030.

وخير دليل على قوة هذه العلاقات، التوقيع على 10 مذكرات تفاهم و7 برامج تنفيذية في مجالات العمل البلدي والتعليم العالي وتقنية المعلومات والبحث العلمي والابتكار وعلوم تقنية الفضاء والملاحة الجوية، وحماية المنافسة ومنع الاحتكار، إلى جانب العمل الثقافي والمتحفي والتنمية الاجتماعية وإدارة الوثائق والتوثيق التاريخي، وريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب اتفاقيات في مجالات مختلفة تتضمن مجالات أمنية وأخرى مختصة بالنقل البحري والموانئ وأيضا في مجالات البحوث والدراسات، إلى جانب العمل على تأسيس شركة عمانية بحرينية للاستثمار، وغيرها من البرامج التنفيذية التي تمت بين وزارة خارجية سلطنة عُمان، ووزارة خارجية مملكة البحرين، مضافا إليها جهود حكومة حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم وحكومة مملكة البحرين، تخدم مسيرة التعاون المشترك بين البلدين، وتفتح نوافذ الأمل لمستقبل أفضل.

واستثمار فلسفة الحكمة العمانية ودبلوماسية الحياد الإيجابي في تعميق مستويات التعاون الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة، بات اليوم عنوان مسيرة نهضتنا المتجددة، يترجم ذلك الزيارات المتبادلة بين جلالة السلطان وأصحاب الجلالة والفخامة والسمو، وكذلك الجهود التي تقوم بها مختلف الجهات الحكومية وجمعيات الصداقة مع كل دول العالم، والزيارات الواعدة لغرفة تجارة وصناعة عمان، وغيرها من الجهود تترجم جميعها التوجه الجاد لتمكين مصطلح "الدبلوماسية الاقتصادية" التي تعد عاملا أساسيا من عوامل النمو، وذلك من خلال جذب الاستثمارات.

وعندما نُطالع البيان المشترك الذي صدر في ختام الزيارة السامية الميمونة، نجد أن البيان ركّز على عدة جوانب رئيسية، منها أن الجانبين بحثا "مسار علاقات الأخوة الوطيدة التي تربط بين البلدين الشقيقين، ومجالات التعاون الثنائي المشترك وسبل الارتقاء بها إلى مستويات أشمل بما يحقق أهدافهما ومصالحهما المتبادلة، ويلبي تطلعات الشعبين الشقيقين"، ولذلك أشاد الجانبان بـ"الجهود المخلصة التي تبذلها اللجنة الوزارية العُليا المشتركة لترسيخ علاقات الأخوة بين البلدين الشقيقين، والدور البنّاء الذي تقوم به لتنمية وتطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وأكدا على أهمية توسيع آفاق التعاون إلى مستويات أشمل بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين".

وفي الشأن الاقتصادي شدد البيان المشترك على "تعظيم حجم الاستثمارات وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين"، الأمر الذي يُبشر بمزيد من المشاريع المشتركة خاصة مع إنشاء شركة عمانية بحرينية قابضة تتولى تنفيذ هذه الاستثمارات.

ولم تغب القضايا الإقليمية والدولية عن مباحثات قيادتي البلدين، إذ أكد البيان المشترك، أن عمان والبحرين تتطلعان "لنتائج القمة العربية الحادية والثلاثين التي ستُعقد في الجزائر بداية شهر نوفمبر المقبل، لما من شأنه تعزيز العمل العربي المشترك وحماية الأمن القومي العربي، وتحقيق تطلعات الشعوب العربية للأمن والنماء والازدهار"، فضلًا عن مناقشة مستجدات الأوضاع والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.

إنّ مسيرة العلاقات العمانية البحرينية ماضية قدمًا نحو مسارها الذي اختطته الإرادة السامية لقيادتي البلدين الشقيقين بما يحقق آمال وتطلعات العمانيين والبحرينيين.