مفاتيح النعم والبركة

 

أنيسة الهوتية

أكتب "مفاتيح النعم والبركة" في محرك البحث "غوغل"- والذي أترجمه باللغة العربية بكلمة توغل؛ لأنه يتوغل إلى العالم ويأتينا بما نريد معرفته ورؤيته من المشرق إلى المغرب، كمثل الكرة الكريستالية، وكمثل جن سليمان عليه السلام، وسيستحضر "شبيك لبيك" جميع المعلومات التي تشاءها عن تلك المفاتيح.

ولكن، ماذا لو أنك والعم "غوغل" المتوغل، لستما على دراية بأن المفاتيح المطلوبة لم تختصر وتقتصر على أن تكون عبادات، ودعوات، وآيات، وأذكار، وصدقات وزكاة! بل هي أكثر من ذلك بكثير!! وبصور مختلفة عميمة! لاتتواجد في المقاطع التلفزيونية والإذاعية والمقالات والأخبار والاختصارات المحفوظة على الشبكة العنكبوتية بمختلف منصاتها! بل هي مواقف وأحداث وأسباب وأشخاص في واقعنا، تمر بنا دون أن ننتبه لها فتطير عنَّا، أو نطيرها من أيدينا لقلة وعينا وإدراكنا بها!

وفي حالات نادرة يحصل المحظوظون فقط على مفتاح لا يفتح باب النعمة مُباشرة؛ بل يفتح أقفالًا مختلفة لصناديق متعددة يكون فيها مفاتيح كثيرة مباركة النعم!! ولكن، إن كان صاحب هذا المفتاح على حظه غير مُدرك لقيمته فإنِّه بعد أن يغرق في نعيم النعم سيشعر بثقل هذا المفتاح، وسيسعى لرميه حتى يريح ساعده من ثقلها!!

ونقرب الأمثلة السهلة مُبتعدين عن الفلسفة، مثلاً:

- توفى رجل كبير في السن ولديه طفلة بعمر أحفاده، رفض أبناؤه وبناته العناية بالطفلة بحجة أنَّهم لديهم ما يكفيهم من الهموم، والطفلة تلك كانت مفتاحاً فاز به من أخذ همها ومسؤوليتها.

- انفصل زوجان وتنازلا عن أبنائهما؛ لأنَّ كل واحد منهما يريد أن يعيش حياته التي اختارها بدون مسؤوليات وهموم للاستمرار في مسيرة النجاح العلمي والمهني والعاطفي الجديد!، والذي أخذ هم تربية هؤلاء الأبناء حصل على تلك المفاتيح!

- قطة مزعجة دخلت بيتًا وولدت فيه صغارًا، رمى صاحب البيت تلك القطة وصغارها، وبذلك رمى بتلك المفاتيح!

- ابن عاق سفيه ابتُلي به والداه، فطرداه من البيت بعد أن تعبا في إصلاحه حتى ينتصرا لنفسيهما أمام المجتمع، وبذلك تنازلا عن مفتاح ثقيل وكثقله بركته ونعمته والرحمة التي تنزل عليهما من الله بسببه!

- رجل تزوج بزوجة ثانية لأجل النسل وملء فراغ حب لم يجده في الأولى، فلم يرزقها الله بما تمنى منها من ذرية، ولكن الأولى حملت وأنجبت، وغيرت من علاقتها معه ومع أهله، وحصل على ترقية، وتحسنت أحواله المادية والمجتمعية، وزادت البركة في بيته وماله وأهله من زواج وأعمال وغيرها الكثير، ثم طلق الأولى لأنها أصبحت عالةً مادية عليه، وتشتيتًا اجتماعيًا له! وهنا رمى بمفتاح فتح له صناديق من النعم والبركات!!

- بيت أتاهم ضيف مفاجئ، فخبأوا غداءهم الذي كان على قياسهم عن الضيف إلى أن ذهب فأكلوا، وبذلك ذهبت البركة عنهم!

- أم أو أب على فراش المرض لا يقربه أبناؤه تقززًا من حالته التي تحتاج إلى تنظيف، وأبعدوه في غرفة خارجية حتى لا تفوح رائحته، وبذلك أبعدوا البركة والنعمة عنهم!

- وظيفة فيها مدير مزعج، وأي إنجاز فيها غير مُقدر، فقرر الموظف أن لا يشتغل بضمير لأنهم لا يستحقون! وبذلك القرار تخلى عن مفتاح البركة! وثم استقال ليُريح رأسه من همهم ورمى بمفتاح النعمة!

- موظف مجتهد أمين قرر صاحب العمل الاستغناء عنه لتوفير راتبه، وبالاستغناء عنه قد استغنى عن مفتاح للبركة!

وإنْ جلست أكتب في مئات الآلاف من الصفحات لن أنتهي؛ لأن الأمثلة كثيرة مذ خلق الله البشر إلى يومنا هذا، ومنها ما مرَّ بنا وما لم يمر..

والخلاصة.. إنَّ مفاتيح النعم والبركة أيضًا تأتي على شاكلة علاقات، وبشر، وحيوانات، ومسؤوليات، وهموم....إلخ.