أضواء على منتدى "تطمين"

 

خالد بن خميس المويتي

 

سعدتُ كثيرًا حال تلقي الدعوة من قبل الدكتور فؤاد الساجواني لحضور فعاليات المنتدى العماني لرعاية الأيتام تحت عنوان "تطمين"، والذي نظمته منصة "عيون" الرقمية بشراكة مع جريدة الرؤية، وكانت منصة "عيون" قد سبق لها أن أقامت ندوة حول واقع مرض التوحد في السلطنة، والتأتاة وحلولها الناجعة، وها هي تعود هذه المرة لإبراز هذه المبادرة العمانية التي رعتها السيدة معاني بنت عبدالله البوسعيدية المديرة العامة للتنمية الأسرية بوزارة التنمية الاجتماعية.

كان المنتدى من تقديم الدكتور موسى اللواتي والصاعدة مها الحبسية ذات التسعة عشر ربيعًا، وافتتح المنتدى ببركات كتاب الله الطفل المرتل سعود الشامسي. تلى ذلك عرض أوراق غاية في الجودة والإجادة لكل من:

الدكتور سالم الحارثي - جمعية الرحمة لرعاية الأمومة والطفولة، والدكتور عبد الرب اليافعي رئيس جمعية بهجة العمانية للأيتام، والفاضل سعيد العمري من مجموعة إيثار، والفاضلة سرى المسقطية مؤسس مركز واحة الأمل للإرشاد النفسي، والفاضلة سلمى العمرية مؤسس مبادرة طفولتي آمنة، والفاضلة قدرية التوبية رئيسة قسم الرعاية الاجتماعية والنفسية بمركز رعاية الطفولة بوزارة التنمية الاجتماعية، والفاضلة عائشة البحرية رئيسة قسم الرعاية البديلة بدائرة شؤون الطفل بوزارة التنمية الاجتماعية. واختتم المنتدى فعالياته بجلسة حوارية حول ما تقدم من أوراق أدارتها الإعلامية بثينة البلوشية.

بعد هذه المقدمة أسطّر هنا ما سرني كثيرا سماعه من إنجازات عمانية على المستويين العام والخاص خلاصته قول الله سبحانه وتعالى: "وأما اليتم فلا تقهر"، وسأسطر ذلك بأمثلة من ردهات المنتدى فإلى المثال الأول يقول: الدكتور سالم الحارثي إنه وهو في طريقه إلى المنتدى تواصلت معه عائلة يتيمة تنشد سترا لابنتهم التي تدرس في إحدى الكليات المحلية ولا يتوفر لديهم ما ينفقونه على سكنها، فيقول أرسلت رسالة صوتية إلى مجموعة واتساب مخصصة للشأن التكافلي في جمعية الرحمة وعرضت إعسار هذه العائلة، ولم أصل إلى المنتدى إلا ومن تكفل بتكاليف سكن الطالبة طيلة فترة دراستها، وهذا الأمر لم يستغرق سوى ساعتين من الوقت، هذا مثال على الصعيد المؤسسي الخاص.

أما المثال الثاني فهو على الصعيد المؤسسي العام؛ فمنذ تدشين برنامج احتضان والذي يعنى بإضافة الأيتام إلى أسر بديلة تتكفل بتربيتهم ورعايتهم وتنشئتهم تنشئة صالحة والوزارة تتلقى طلبات الاحتضان بشكل متواصل، ولقد تم عرض مادة فيلمية لأسرة بديلة احتضنت طفلتين يتيمتين وتصف الأم الحاضنة وهي الدكتورة رحمة الكندية مدى سعادتها وحرصها على ابنتيها، مع التوضيح أن الاحتضان ليس تبنيًا فلا تبني في الإسلام.

وإلى المثال الثالث الذي يمكن وصفه بالتفكير خارج الصندوق وهو من خلال أفكار الدكتور عبد الرب اليافعي الذي عرض تجربة جمعية بهجة العمانية للأيتام هذه الجمعية التي سعت لوضع تنمية مستدامة للأيتام من خلال أفكار يظنها السامع خيالية في بداية طرحها؛ حيث يسعى لإقامة مجمعات سكنية خاصة بالجمعية يعمل فيها الأيتام ويستفيدون من ريعها سكناً وعملاً ورواتب فبدأت الجمعية بمجمع سكني واحد ثم دشنت مجمعها السكني الثاني على أرض مساحتها 2000 متر مربع، وهو من أربع مبانٍ تتوزع بين السكني والتجاري وكل ذلك ريع مستدام للأيتام، ونبارك لهم الحصول على أرض سكنية تجارية على الشارع العام بجوار مجمع السلطان قابوس الرياضي للشباب بصلالة مساحتها 6000 متر مربع، مع سعيها للحصول على أرض زراعية في شصر أو النجد بمحافظة ظفار، وهو من باب المشاريع المستدامة.

وإلى المثال الرابع وهو العلاج النفسي للأيتام وهذا الجانب إن لم يعطَ حقه أفرز فئة ناقمة على المجتمع، مع تبيان الوسطية فلا إفراط في الرعاية المفضية إلى الدلال والدلع ولا تفريط بالقهر النفسي، وهذا الجانب نال شرحا وافيا من المتخصصين النفسيين في المنتدى، مع التركيز على ضرورة وجود متخصص نفسي في المدارس والكليات.

أما المثال الخامس فهو أيضاً من جمعية بهجة العمانية للأيتام ومدى حرصها على تطبيق نص الآية الكريمة : "فأما اليتيم فلا تقهر"، فهم يزرعون في عقول هذه الفئة الغالية من المجتمع قاعدة كل عظماء العالم أيتام، وقد فعلت الجمعية برنامجا حصل على جائزة خليجية يتمثل هذا البرنامج في وجود سوق افتراضي تدخل إليه الفئات المستهدفة فتختار حاجياتها الضرورية معاشا وكسوة، ثم وبكل سرية وحفاظا على كرامة الأسر تقوم الجمعية بإيصال المستلزمات إلى محل سكنهم، وفي ذلك ستر لهم وتسهيل للجميعة، مع تبرع الجمعية بالبرنامج لكل راغب فيه سواء محليا أو دوليا.

وإلى المثال السادس وهو مراعاة الجانب النفسي لحاجة الأيتام وهذا ما اتفقت عليه المؤسسات العامة والخاصة المحاضرة والحضور جميعا، بحيث عدم تسطيح العبارات والصور الداعمة للأيتام لدرجة تطهر الضجر منهم أو الإساءة إليهم بل على العكس الأصل الالتفات إليهم وإشراكهم في المجتمع، وقد سجلت مداخلتي لهم في الجلسة الختامية طالبا من المؤسسة العامة أن تعنى بذلك من خلال وسائل الإعلام التقليدي والإعلام الحديث والسوشل ميديا.

أما المثال الأخير فهو من مجموعة الإيثار التطوعية، وهم متخصصون في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة حيث يركز المركز جهوده لهذه الفئة من الأيتام ومدى تضاعف حاجتهم بالإضافة إلى اليتم لوجود هيئات تعنى بهم وبتوفير عيش كريم لهم، فهذه الفئة وإن كانت ذات احتياجات خاصة فلا تعتبر عاجزة ومستعدة للعمل حال توفره وفق قدراتهم وهذا ما يقرره المحيطون بهم والساعون لعونهم.

إنّ منتدى عمان لرعاية الأيتام خطوة فاعلة لإبراز الأبعاد الاجتماعية التي لم تظهر بعد في دائرة الضوء، وننتظر أعمالا شبيهة في القريب العاجل.

تعليق عبر الفيس بوك