راشد بن حميد الراشدي **
أين وصلنا وأين سنصل في عالم تحكمه الوحوش ذات القلوب المتحجرة التي لا ترقب في الإنسانية أجمعها إلاً ولا ذمة سوى إرضاء غريزتها الشيطانية وجشع عيشها اللئيم الماجن لعنهم الله إلى يوم الدين.
فمنذ ولدنا سمعنا عن حروب تُحاك، ومجازر تُرتكب بين بني البشر راح ضحيتها الملايين، بينما تتعاظم الآمال أن تنطفئ نار الحروب واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان من خلال نشر العلم وتطور البلدان ورقي العالم، لكن ظل الكيد في نفوس البشرية الضائعة بين طباع الوحوش الكاسرة ومن خلال منظماتها وتنظيماتها الدولية السامية الأهداف والخبيثة الفِعل والعمل وتحت مسميات كثيرة لصون الحقوق وتنمية البلدان الفقيرة والمتعثرة والحفاظ على السلم وغيرها من المؤسسات التي أُسست لتدمير العالم والدول الضعيفة.
فقد شدني منذ أيام منظر بائس تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي لأفراد سوريين مهاجرين هاربين من أتون حرب ضروس إلى عالم مجهول لإنقاذ أنفسهم وعائلاتهم في مركب تتقاذفه أمواج بحر هائج وقد توفي عدد من فلذات أكبادهم (أبنائهم) عطشاً وجوعاً وهم يرمون بهم في وسط البحر حيث أصبح الإنسان بلا قيمة حتى عند موته. فصُعقت نفسي لهول المنظر ولهول تلك المأساة الإنسانية الكبيرة وفي بلدهم ما يؤمن قوتهم وقوت صغارهم لكن الحرب التي تشعلها تلك الوحوش الكاسرة الجائعة رمت بهم إلى ذلك المصير المجهول في بحار ومحيطات هائجة من أجل متنفس حياة.
إن الحروب والفتن هي من صنع الإنسان غير السوي المتتبع لغرائزه ومآربه دون الالتفات لما تخلفه تلك الشرور على البشرية البسيطة المسالمة من دمار وخراب وموت.
هؤلاء الذين يصنعون كل هذه الشرور من حروب وفتن ومجازر ونشر للأمراض ومتاجرة بالبشرية جمعاء هم من يتشدقون بالحضارة وحماية حقوق الإنسان؛ حيث يجب الوقوف ضدهم اليوم بالكلمة الصادقة والحق الدامغ والاتحاد بين بني البشر والرجوع إلى الفطرة السوية من دين يردع وخُلق يطبق ويسمع والبعد عن سفاسف الأمور وسفهاء البشرية وأراذلهم الذين أحلوا الحرام وحرموا الحلال فأصبح العالم اليوم يموج ويغلي إلى فنائه وقرب انتهائه في عالم وحشي إجرامي تسيل فيه الدماء ويقتل فيه الأطفال والعزل البسطاء وتنتهك فيه المحارم قبحهم الله.
وفي المقابل لا تدمع عين لتلك المجازر وتلك المشاهد التي تقشعر منها قلوب الصالحين فعالمنا اليوم أصبح عالم غاب وعالم وحوش تتقاتل من أجل سراب لن يدوم فالعودة حتمية لله الواحد القهار والنعيم في الجنة والعذاب في النار خالدين مخلدين فيها بما كسبت أيدي الناس .
اليوم ننادي ونصترخ إلى الله أن يلطف بأولئك المعذبين في الأرض والمظلومين من فتن ليس لهم ذنب فيها وأن يغفر لموتانا وموتى المسلمين وأن تعود الأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع إلى رشده لنقول جميعاً اليوم للبشرية جمعاء كما قال سيدنا لوط لقومه: "أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ".
حفظ الله أوطاننا والعالم أجمع من شرور الحاقدين وحسد الحاسدين وجعلها واحة للخير والنقاء إنه سميع مجيب الدعاء.
** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية